خَالَفُوهُ، وَتَنَاقَضُوا كُلُّهُمْ مَعَ ذَلِكَ فِي، فَتَاوِيهمْ فِي فُرُوعِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَنَاقُضًا كَثِيرًا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَأَعْجَبُ شَيْءٍ فِي هَذَا تَحْلِيفُ الْمَالِكِيِّينَ لِلْبَائِعِ، وَالْمُشْتَرِي: بِأَنْ يَحْلِفَ الْبَائِعُ: بِاَللَّهِ لَقَدْ بِعْتُكهَا بِكَذَا وَكَذَا، وَبِأَنْ يَحْلِفَ الْمُشْتَرِي: بِاَللَّهِ لَقَدْ اشْتَرَيْتهَا مِنْك بِكَذَا وَكَذَا، فَيَجْمَعُونَ فِي هَذَا أُعْجُوبَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا - تَحْلِيفُهُمَا عَلَى مَا يَدَّعِيَانِهِ لَا عَلَى نَفْيِ مَا يَدَّعِي بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَالْأُخْرَى أَنَّهُمْ يُحَلِّفُونَهُمَا كَذَلِكَ ثُمَّ لَا يُعْطُونَهُمَا مَا حَلَفَا عَلَيْهِ، فَأَيُّ مَعْنًى لِتَحْلِيفِهِمَا بِذَلِكَ؟ وَإِنَّمَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى نَفْيِ مَا يَدَّعِي بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَالْأُخْرَى أَنَّهُمْ يُحَلِّفُونَهُمَا كَذَلِكَ ثُمَّ لَا يُعْطُونَهُمَا مَا حَلَفَا عَلَيْهِ، فَأَيُّ مَعْنًى لِتَحْلِيفِهِمَا بِذَلِكَ؟ وَإِنَّمَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى نَفْيِ مَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِهِ وَيَبْرَأُ.
وَأَمَّا هُمْ وَمَنْ يَرَى رَدَّ الْيَمِينِ: فَإِنَّهُ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي عَلَى مَا ادَّعَى وَيَقْضُونَ لَهُ بِهِ، وَنَقَضُوا هَهُنَا أُصُولَهُمْ أَقْبَحَ نَقْضٍ وَأَفْسَدَهُ بِلَا دَلِيلٍ أَصْلًا.
وَقَالُوا أَيْضًا: إنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا صِحَّةَ الْعَمَلِ، وَالْآخَرُ فَسَادَهُ: الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَلَا يُدْرَى مِنْ أَيْنَ وَقَعَ لَهُمْ هَذَا؟ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
1421 - مَسْأَلَةٌ: وَكُلُّ بَيْعٍ وَقَعَ بِشَرْطِ خِيَارٍ لِلْبَائِعِ، أَوْ لِلْمُشْتَرِي، أَوْ لَهُمَا جَمِيعًا، أَوْ لِغَيْرِهِمَا: خِيَارَ سَاعَةٍ، أَوْ يَوْمٍ، أَوْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ: فَهُوَ بَاطِلٌ - تَخَيَّرَا إنْفَاذَهُ أَوْ لَمْ يَتَخَيَّرَا - فَإِنْ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِ بَائِعِهِ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ فِعْلِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، فَإِنْ قَبَضَهُ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ - لَكِنْ بِحُكْمِ حَاكِمٍ، أَوْ بِغَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ -: ضَمِنَهُ ضَمَانَ الْغَصْبِ. وَكَذَلِكَ إنْ أَحْدَثَ فِيهِ حَدَثًا ضَمِنَهُ ضَمَانَ التَّعَدِّي.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: بَيْعُ الْخِيَارِ جَائِزٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَهُمَا مَعًا، وَلِإِنْسَانٍ غَيْرِهِمَا، فَإِنْ رَدَّ الَّذِي لَهُ الْخِيَارُ الْبَيْعَ فَهُوَ مَرْدُودٌ، وَإِنْ أَمْضَاهُ فَهُوَ مَاضٍ، إلَّا أَنَّهُ لَا يُجِيزُ مُدَّةَ الْخِيَارِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ - لَكِنْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَقَلَّ - فَإِنْ اشْتَرَطَ الْخِيَارَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بَطَلَ الْبَيْعُ، فَإِنْ تَبَايَعَا بِخِيَارٍ وَلَمْ يَذْكُرَا مُدَّةً فَهُوَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.
وَخَالَفَهُ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، فَقَالَا: الْخِيَارُ جَائِزٌ إلَى مَا تَعَاقَدَاهُ طَالَتْ الْمُدَّةُ أَمْ قَصُرَتْ - وَاتَّفَقُوا فِي كُلِّ مَا عَدَا ذَلِكَ - وَالنَّقْدُ جَائِزٌ عِنْدَهُمْ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ بِتَطَوُّعِ