المحلي بالاثار (صفحة 2786)

فَرَوَى مَالِكٌ؛ وَابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَفَأَتَصَدَّقُ؟ وَرَوَى إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ مُرَّةَ: أَفَأَتَصَدَّقُ، وَمَرَّةً: أَفَأُوصِي؟ وَرَوَى مَعْمَرٌ، وَسَعْدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَفَأُوصِي؟ وَلَيْسَا دُونَ مَالِكٍ، وَابْنِ عُيَيْنَةَ.

وَاتَّفَقَ سَائِرُ مَنْ ذَكَرْنَا عَلَى لَفْظِ: " أُوصِي " فَارْتَفَعَ الْإِشْكَالُ جُمْلَةً.

وَأَيْضًا: فَلَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ نَصٌّ وَلَا دَلِيلٌ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ فِي الْمَرَضِ خَاصَّةً دُونَ الصِّحَّةِ، فَمَنْ قَالَ: إنَّهُ فِي الْمَرَضِ خَاصَّةً فَقَدْ كَذَبَ وَقَوَّلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَمْ يَقُلْ، وَهَذَا مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ.

وَأَيْضًا: فَقَدْ عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ سَعْدًا سَيَبْرَأُ وَتَكُونُ لَهُ آثَارٌ فِي الْإِسْلَامِ، فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حُكْمَ الْمَرَضِ الَّذِي يَمُوتُ الْمَرْءُ مِنْهُ -: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد نا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَائِمًا فَمَا تَرَكَ شَيْئًا يَكُونُ فِي مَقَامِهِ ذَلِكَ إلَى قِيَامِ السَّاعَةِ إلَّا أَخْبَرَ بِهِ، حَفِظَهُ مَنْ حَفِظَهُ، وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ، قَدْ عَلِمَ أَصْحَابِي هَؤُلَاءِ أَنَّهُ لِيَكُونَ مِنِّي الشَّيْءُ فَأَعْرِفُهُ فَأَذْكُرُهُ كَمَا يَذْكُرُ الرَّجُلُ وَجْهَ الرَّجُلِ إذَا غَابَ عَنْهُ فَإِذَا رَآهُ عَرَفَهُ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَسَعْدٌ قَدْ فَتَحَ أَعْظَمَ الْفُتُوحِ، وَأَنْزَلَ مَلِكَ الْفُرْسِ عَنْ سَرِيرِهِ، وَافْتَتَحَ قُصُورَهُ، وَدُورَهُ، وَمَدَائِنَهُ، فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ بِهَذَا الْخَبَرِ مُتَعَلَّقٌ أَصْلًا.

وَأَمَّا خَبَرُ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ فِي السِّتَّةِ الْأَعْبُدِ، فَأَوْلَى النَّاسِ أَنْ لَا يُحْتَجَّ بِهِ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ الَّذِينَ لَا يَسْتَحْيُونَ مِنْ أَنْ يَقُولُوا: إنَّهُ قِمَارٌ، وَإِنَّهُ فِعْلٌ بَاطِلٌ، وَحُكْمُ جَوْرٍ؟ شَاهَ وَجْهُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ فِي حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَقِيَ الْكَلَامُ فِيهِ مَعَ الْمَالِكِيِّينَ وَالشَّافِعِيِّينَ، وَأَصْحَابِنَا الْقَائِلِينَ بِهِ -: قَالَ عَلِيٌّ: فَنَقُولُ - وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ -: إنَّهُ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ أَصْلًا لِوُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ -: أَوَّلُهَا: أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا الْعِتْقُ وَحْدَهُ، فَإِقْحَامُهُمْ مَعَ الْعِتْقِ جَمِيعَ أَفْعَالِ الْمَرِيضِ خَطَأٌ وَتَعَدٍّ لِحُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْقِيَاسُ بَاطِلٌ، وَلَوْ كَانَ حَقًّا لَكَانَ هَهُنَا بَاطِلًا؛ لِأَنَّهُمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015