كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مَعْرُوفَةً لِلْمُودِعِ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ بِعِلْمِ الْحَاكِمِ أَوْ لَمْ تَكُنْ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ شَيْءٍ مِمَّا فَرَّقُوا بَيْنَهُ بِآرَائِهِمْ الْفَاسِدَةِ.
وَأَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُودَعُ شَيْئًا يَنْقُلُ بِهِ الْوَدِيعَةَ عَنْ مِلْكِ الْمُودِعِ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ، فَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ لَا تُعْرَفُ لِلْمُودِعِ إلَّا بِقَوْلِ الْمُودَعِ، فَالْقَوْلُ أَيْضًا قَوْلُ الْمُودَعِ مَعَ يَمِينِهِ فِي كُلِّ مَا ذَكَرَ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ إيَّاهُ بِبَيْعِهَا، أَوْ الصَّدَقَةِ بِهَا، أَوْ بِهِبَتِهَا، أَوْ أَنَّهُ وَهَبَهَا لَهُ وَسَائِرِ الْوُجُوهِ وَلَا فَرْقَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ لَهُ بِشَيْءٍ فِي مَالِهِ، وَلَا بِشَيْءٍ فِي ذِمَّتِهِ، لَا بِدَيْنٍ وَلَا بِتَعَدٍّ، وَلَا قَامَتْ لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِحَقٍّ وَلَا بِتَعَدٍّ، وَمَالُهُ مُحَرَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ.
وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مَعْرُوفَةَ الْعَيْنِ لِلْمُودِعِ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ بِعِلْمِ الْحَاكِمِ فَإِنَّ الْمُودَعَ مُدَّعٍ نَقْلَ مِلْكِ الْمُودِعِ عَنْهَا، فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَقَدْ أَقَرَّ حِينَئِذٍ فِي مَالِ غَيْرِهِ بِمَا قَدْ مَنَعَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ إذْ يَقُولُ: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا} [الأنعام: 164] فَهُوَ ضَامِنٌ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ
1393 - مَسْأَلَةٌ: وَإِنْ لَقِيَ الْمُودِعُ مَنْ أَوْدَعَهُ فِي غَيْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَوْدَعَهُ فِيهِ مَا أَوْدَعَهُ، فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ الْوَدِيعَةِ، وَنَقْلُ الْوَدِيعَةِ بِالْحَمْلِ، وَالرَّدِّ عَلَى الْمُودِعِ لَا عَلَى الْمُودَعِ، وَإِنَّمَا عَلَى الْمُودَعِ أَنْ لَا يَمْنَعَهَا مِنْ صَاحِبِهَا فَقَطْ؛ لِأَنَّ بَشَرَتَهُ وَمَالَهُ مُحَرَّمَانِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْغَاصِبِ، وَالْمُتَعَدِّي فِي الْوَدِيعَةِ، أَوْ غَيْرِهَا، وَأَخْذُ الْمَالِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَرَدُّهُ عَلَى الْمُتَعَدِّي وَالْغَاصِبِ، وَأَخْذُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ إلَى صَاحِبِهِ حَيْثُ لَقِيَهُ مِنْ بِلَادِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ فَرْضًا عَلَيْهِ الْخُرُوجُ مِنْ الظُّلْمِ وَالْمَطْلِ فِي كُلِّ أَوَانٍ وَمَكَانٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.