[كِتَابُ الْوَدِيعَةِ] [مَسْأَلَةٌ مَنْ أَوْدَعْت عِنْدَهُ وَدِيعَةً]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابُ الْوَدِيعَةِ 1388 - مَسْأَلَةٌ: فَرْضٌ عَلَى مَنْ أَوْدَعْت عِنْدَهُ وَدِيعَةً حِفْظُهَا وَرَدُّهَا إلَى صَاحِبِهَا إذَا طَلَبَهَا مِنْهُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] وَمِنْ الْبِرِّ حِفْظُ مَالِ الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ، وَقَدْ صَحَّ «نَهْيُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ» ، وَهَذَا عُمُومٌ لِمَالِ الْمَرْءِ وَمَالِ غَيْرِهِ.
1389 - مَسْأَلَةٌ: فَإِنْ تَلِفَتْ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا تَضْيِيعٍ لَهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا حَفِظَهَا وَلَمْ يَتَعَدَّ وَلَا ضَيَّعَ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة: 91] .
وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» فَمَالُ هَذَا الْمُودِعِ حَرَامٌ عَلَى غَيْرِهِ مَا لَمْ يُوجِبْ أَخْذَهُ مِنْهُ نَصٌّ - وَقَدْ صَحَّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ تَضْمِينُ الْوَدِيعَةِ - وَرُوِيَ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ أَنْ لَا تُضَمَّنَ.
1390 - مَسْأَلَةٌ: وَصِفَةُ حِفْظِهَا هُوَ أَنْ يَفْعَلَ فِيهَا مِنْ الْحِفْظِ مَا يَفْعَلُ بِمَالِهِ، وَأَنْ لَا يُخَالِفَ فِيهَا مَا حَدَّ لَهُ صَاحِبُهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيمَا حَدَّ لَهُ يَقِينُ هَلَاكِهَا: فَعَلَيْهِ حِفْظُهَا؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ صِفَةُ الْحِفْظِ وَمَا عَدَاهُ هُوَ التَّعَدِّي فِي اللُّغَةِ وَمَعْرِفَةُ النَّاسِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
1391 - مَسْأَلَةٌ: فَإِنْ تَعَدَّى الْمُودَعُ فِي الْوَدِيعَةِ أَوْ أَضَاعَهَا فَتَلِفَتْ لَزِمَهُ ضَمَانُهَا، وَلَوْ تَعَدَّى عَلَى بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ لَزِمَهُ ضَمَانُ ذَلِكَ الْبَعْضِ الَّذِي تَعَدَّى فِيهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ فِي الْإِضَاعَةِ أَيْضًا مُتَعَدٍّ لِمَا أُمِرَ بِهِ.