[كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ وَهِيَ الْقِرَاضُ] [مَسْأَلَةٌ الْقِرَاضُ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ]
ُ 1367 - مَسْأَلَةٌ: الْقِرَاضُ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ أَهْلَ تِجَارَةٍ لَا مَعَاشَ لَهُمْ مِنْ غَيْرِهَا وَفِيهِمْ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ الَّذِي لَا يُطِيقُ السَّفَرَ، وَالْمَرْأَةُ وَالصَّغِيرُ، وَالْيَتِيمُ، فَكَانُوا وَذَوُو الشُّغْلِ وَالْمَرَضِ يُعْطُونَ الْمَالَ مُضَارَبَةً لِمَنْ يَتَّجِرُ بِهِ بِجُزْءٍ مُسَمًّى مِنْ الرِّبْحِ فَأَقَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ فِي الْإِسْلَامِ وَعَمِلَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ عَمَلًا مُتَيَقَّنًا لَا خِلَافَ فِيهِ، وَلَوْ وُجِدَ فِيهِ خِلَافٌ مَا الْتَفَتَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ نَقْلُ كَافَّةٍ بَعْدَ كَافَّةٍ إلَى زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعِلْمِهِ بِذَلِكَ.
«وَقَدْ خَرَجَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قِرَاضٍ بِمَالِ خَدِيجَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -» .
1368 - مَسْأَلَةٌ: وَالْقِرَاضُ إنَّمَا هُوَ بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ - وَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِ ذَلِكَ، إلَّا بِأَنْ يُعْطِيَهُ الْعَرَضَ فَيَأْمُرُهُ بِبَيْعِهِ بِثَمَنٍ مَحْدُودٍ، وَبِأَنْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ فَيَعْمَلُ بِهِ قِرَاضًا، لِأَنَّ هَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَمَا عَدَاهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَلَا نَصَّ بِإِيجَابِهِ، وَلَا حُكْمَ لِأَحَدٍ فِي مَالِهِ إلَّا بِمَا أَبَاحَهُ لَهُ النَّصُّ.
وَمِمَّنْ مَنَعَ مِنْ الْقِرَاضِ بِغَيْرِ الدَّنَانِيرِ، وَالدَّرَاهِمِ: الشَّافِعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ، وَغَيْرُهُمْ.
1369 - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَجُوزُ الْقِرَاضُ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى أَصْلًا إلَّا مَا جَاءَ بِهِ نَصٌّ، أَوْ إجْمَاعٌ.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ عَبْدًا يَعْمَلُ مَعَهُ، أَوْ أَجِيرًا يَعْمَلُ مَعَهُ، أَوْ جُزْءًا مِنْ الرِّبْحِ لِفُلَانٍ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ بَاطِلٌ.