المحلي بالاثار (صفحة 2668)

وَابْنُ عَبَّاسٍ لَمْ يَسْمَع النَّهْيَ، وَهَؤُلَاءِ سَمِعُوهُ، فَمَنْ أَثْبَتَ أَوْلَى مِمَّنْ نَفَى، وَمَنْ قَالَ: إنَّهُ عَلِمَ أَوْلَى مِمَّنْ قَالَ: لَا أَعْلَمُ.

وَأَمَّا خَبَرُ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ رَافِعٍ، فَاَلَّذِي فِيهِ إنَّمَا هُوَ مِنْ كَلَامِ رَافِعٍ - يَعْنِي قَوْلَهُ -: وَأَمَّا شَيْءٌ مَضْمُونٌ فَلَا؟ وَقَدْ اُخْتُلِفَ عَنْ رَافِعٍ فِي ذَلِكَ كَمَا أَوْرَدْنَا قَبْلُ، وَرَوَى عَنْهُ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ النَّهْيَ عَنْ كِرَائِهَا بِطَعَامٍ مُسَمًّى فَلِمَ أَجَزْتُمُوهُ؟ وَرِوَايَةُ حَنْظَلَةَ عَنْ رَافِعٍ شَدِيدَةُ الِاضْطِرَابِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَالزَّائِدُ عِلْمًا أَوْلَى.

وَقَدْ رَوَى عِمْرَانُ بْنُ سَهْلِ بْنِ رَافِعٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَنَافِعٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَأَبُو النَّجَاشِيِّ وَغَيْرُهُمْ: النَّهْيَ عَنْ كَرْيِ الْأَرْضِ جُمْلَةً عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ خِلَافَ مَا رَوَى عَنْهُ حَنْظَلَةُ، وَكُلُّهُمْ أَوْثَقُ مِنْ حَنْظَلَةَ فَالزَّائِدُ أَوْلَى.

وَأَمَّا حَدِيثُ أَمَرَ بِالْمُؤَاجَرَةِ فَنَعَمْ، هُوَ صَحِيحٌ، وَقَدْ صَحَّ نَهْيُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخَبَرُ الْإِبَاحَةِ مُوَافِقٌ لِمَعْهُودِ الْأَصْلِ، وَخَبَرُ النَّهْيِ زَائِدٌ، فَالزَّائِدُ أَوْلَى، وَنَحْنُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ نَهَى عَنْ الْكِرَاءِ فَقَدْ حَرَّمَ مَا كَانَ مُبَاحًا مِنْ ذَلِكَ بِلَا شَكٍّ، وَلَا يَحِلُّ أَنْ يُتْرَكَ الْيَقِينُ لِلظَّنِّ، وَمَنْ ادَّعَى أَنَّ الْإِبَاحَةَ الَّتِي قَدْ تَيَقَّنَّا بُطْلَانَهَا قَدْ عَادَتْ فَهُوَ مُبْطِلٌ وَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ، وَلَا يَجُوزُ تَرْكُ الْيَقِينِ بِالدَّعْوَى الْكَاذِبَةِ، وَلَيْسَ إلَّا تَغْلِيبُ النَّهْيِ، فَبَطَلَ الْكِرَاءُ جُمْلَةً، وَالْمُخَابَرَةُ جُمْلَةً، أَوْ تَغْلِيبُ الْإِبَاحَةِ، فَيَثْبُتُ الْكِرَاءُ جُمْلَةً، وَالْمُخَابَرَةُ جُمْلَةً، كَمَا يَقُولُ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَغَيْرُهُمَا.

وَأَمَّا التَّحَكُّمُ فِي تَغْلِيبِ النَّهْيِ فِي جِهَةٍ، وَتَغْلِيبُ الْإِبَاحَةِ فِي أُخْرَى بِلَا بُرْهَانٍ فَتَحَكُّمُ الصِّبْيَانِ، وَقَوْلٌ لَا يَحِلُّ فِي الدِّينِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ: فَإِنَّ مُقَلِّدِيهِ احْتَجُّوا لَهُ بِحَدِيثِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَافِعِ بْنِ أُسَيْدَ بْنِ ظُهَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ؟ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إذًا نُكْرِيهَا بِشَيْءٍ مِنْ الْحَبِّ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: نُكْرِيهَا بِالتِّبْنِ؟ فَقَالَ: لَا: قَالَ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015