فَقِسْمٌ يَنْتَفِعُ بِهِ الدَّافِعُ وَحْدَهُ لَا الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ فَقَدْ اتَّفَقْنَا أَنَّهُ لَا ضَمَانَ فِي بَعْضِهِ كَالْوَدِيعَةِ، فَوَجَبَ رَدُّ كُلِّ مَا كَانَ مِنْ غَيْرِهَا إلَيْهَا.
وَقِسْمٌ يَنْتَفِعُ بِهِ الدَّافِعُ وَالْمَدْفُوعُ إلَيْهِ - فَقَدْ اتَّفَقْنَا عَلَى أَنَّهُ لَا ضَمَانَ فِي بَعْضِهِ كَالْقِرَاضِ، فَوَجَبَ رَدُّ مَا كَانَ مِنْ غَيْرِهِ إلَيْهِ وَدَخَلَ فِي ذَلِكَ الرَّهْنُ، وَمَا دُفِعَ إلَى الصُّنَّاعِ.
وَقِسْمٌ ثَالِثٌ يَنْتَفِعُ بِهِ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ وَحْدَهُ - فَقَدْ اتَّفَقْنَا فِي بَعْضِهِ عَلَى أَنَّهُ مَضْمُونٌ كَالْقَرْضِ، فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْعَارِيَّةُ مِثْلَهُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَوْ صَحَّ قِيَاسٌ فِي الْعَالَمِ لَكَانَ هَذَا، وَلَكِنَّهُمْ لَا الْآثَارَ اتَّبَعُوا، وَلَا الْقِيَاسَ عَرَفُوا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
1326 - مَسْأَلَةٌ: وَلَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ إلَّا بِمَضْمُونٍ مُسَمًّى مَحْدُودٍ فِي الذِّمَّةِ، أَوْ بِعَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ مُتَمَيِّزَةٍ مَعْرُوفَةِ الْحَدِّ وَالْمِقْدَارِ - وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَغَيْرِهِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَقَالَ مَالِكٌ: يَجُوزُ كِرَاءُ الْأَجِيرِ بِطَعَامِهِ - وَاحْتَجُّوا بِخَبَرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: كُنْت أَجِيرًا لِابْنَةِ غَزْوَانَ بِطَعَامِ بَطْنِي، وَعُقْبَةِ رِجْلِي.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَدْ يَكُونُ هَذَا تَكَارُمًا مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ لَازِمٍ - وَأَمَّا الْعُقُودُ الْمَقْضِيُّ بِهَا فَلَا تَكُونُ إلَّا بِمَعْلُومٍ، وَالطَّعَامُ يَخْتَلِفُ: فَمِنْهُ اللَّيِّنُ، وَمِنْهُ الْخَشِنُ وَمِنْهُ الْمُتَوَسِّطُ - وَيَخْتَلِفُ الْأُدْمُ، وَتَخْتَلِفُ النَّاسُ فِي الْأَكْلِ اخْتِلَافًا مُتَفَاوِتًا فَهُوَ مَجْهُولٌ لَا يَجُوزُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
تَمَّتْ " الْإِجَارَةُ " بِحَمْدِ اللَّهِ.