المحلي بالاثار (صفحة 2598)

وَالْحَقُّ فِي هَذَا هُوَ قَوْلُنَا -: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ نا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ نا اللَّيْثُ هُوَ ابْنُ سَعْدٍ - عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: «أُصِيبَ رَجُلٌ فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَثُرَ دَيْنُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ؟ فَتَصَدَّقَ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفَاءَ دَيْنِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِغُرَمَائِهِ خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ وَلَيْسَ لَكُمْ إلَّا ذَلِكَ» .

فَهَذَا نَصٌّ جَلِيٌّ عَلَى أَنْ لَيْسَ لَهُمْ شَيْءٌ غَيْرَ مَا وَجَدُوا لَهُ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ حَبْسُهُ، وَأَنَّ مَا وُجِدَ مِنْ مَالِهِ لِلْغُرَمَاءِ، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا يَحِلُّ سِوَاهُ؛ فَإِنْ قِيلَ: رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَاعَ لَهُمْ مَالَ مُعَاذٍ؟ قُلْنَا: هَكَذَا نَقُولُ - وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ مِنْ طَرِيقِ السَّنَدِ؛ لِأَنَّهُ مُرْسَلٌ، لَكِنَّ الْحُكْمَ أَنَّهُ إنَّمَا يَقْضِي لَهُمْ بِعَيْنِ مَالِهِ، ثُمَّ يُبَاعُ لَهُمْ وَيُقَسِّمُ عَلَيْهِمْ الْحِصَصُ؛ لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى إنْصَافِهِمْ بِغَيْرِ هَذَا.

فَإِنْ مَوَّهُوا بِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَشُرَيْحٍ، وَالشَّعْبِيِّ، فَإِنَّ الرِّوَايَةَ عَنْ عُمَرَ إنَّمَا هِيَ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ حَبَسَ عَصَبَةَ مَنْفُوسٍ يُنْفِقُونَ عَلَيْهِ الرِّجَالُ دُونَ النِّسَاءِ - وَأَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ اشْتَرَى دَارًا لِلسِّجْنِ مِنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ فَإِنْ لَمْ يَرْضَ عُمَرُ فَلِصَفْوَانَ أَرْبَعُمِائَةٍ.

وَهَذَانِ خَبَرَانِ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهَا؛ لِأَنَّ حَبْسَ عُمَرَ لِلْعَصَبَةِ لِلنَّفَقَةِ عَلَى الصَّبِيِّ إنَّمَا هُوَ إمْسَاكٌ وَحُكْمٌ وَقَصْرٌ، لَا سِجْنٌ؛ لِأَنَّ مِنْ الْبَاطِلِ أَنْ يَسْجُنَهُمْ أَبَدًا وَلَمْ يُذْكَرْ عَنْهُمْ امْتِنَاعٌ.

ثُمَّ هُمْ لَا يَقُولُونَ بِإِيجَابِ النَّفَقَةِ عَلَى الْعَصَبَةِ، فَقَدْ خَالَفُوا عُمَرَ، فَكَيْفَ يَحْتَجُّونَ بِهِ فِي شَيْءٍ هُمْ أَوَّلُ مُخَالِفٍ لَهُ؟ وَأَمَّا الْخَبَرُ الثَّانِي: فَكُلُّهُمْ لَا يَرَاهُ بَيْعًا صَحِيحًا، بَلْ فَاسِدًا مَفْسُوخًا، فَكَيْفَ يَسْتَجِيزُ مُسْلِمٌ أَنْ يَحْتَجَّ بِحُكْمٍ يَرَاهُ بَاطِلًا؟ وَالْمَحْفُوظُ عَنْ عُمَرَ مِثْلُ قَوْلِنَا عَلَى مَا نَذْكُرُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015