المحلي بالاثار (صفحة 2596)

فَلَيْتَ شِعْرِي مَا الْفَرْقُ بَيْنَ بَيْعِ الدَّنَانِيرِ وَابْتِيَاعِ دَرَاهِمَ، وَبَيْنَ بَيْعِ الْعُرُوضِ وَابْتِيَاعِ مَا عَلَيْهِ؟ وَإِنَّمَا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا، وَعَلَى كُلِّ أَحَدٍ إنْصَافَ ذِي الْحَقِّ مِنْ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ غَيْرِنَا.

وَمَنَعَ تَعَالَى مِنْ السِّجْنِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} [الملك: 15] وَافْتَرَضَ حُضُورَ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَاتِ.

فَمَنَعُوا الْمَدِينَ مِنْ حُضُورِ الصَّلَوَاتِ فِي الْجَمَاعَةِ، وَمِنْ حُضُورِ الْجُمُعَةِ، وَمِنْ الْمَشْيِ فِي مَنَاكِبِ الْأَرْضِ وَمَنَعُوا صَاحِبَ الْحَقِّ مِنْ تَعْجِيلِ إنْصَافِهِ - وَهُمْ قَادِرُونَ عَلَى ذَلِكَ - فَظَلَمُوا الْفَرِيقَيْنِ.

وَاحْتَجُّوا بِآثَارٍ وَاهِيَةٍ -: مِنْهَا: رِوَايَةٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَبَسَ فِي تُهْمَةٍ» .

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَبَسَ فِي تُهْمَةٍ» .

وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي مِجْلَزٍ: «أَنَّ غُلَامَيْنِ مِنْ جُهَيْنَةَ كَانَ بَيْنَهُمَا غُلَامٌ فَأَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا فَحَبَسَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى بَاعَ غَنِيمَتَهُ» وَعَنْ الْحَسَنِ: «أَنَّ قَوْمًا اقْتَتَلُوا فَقُتِلَ بَيْنَهُمْ قَتِيلٌ فَبَعَثَ إلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَبَسَهُمْ» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: كُلُّ هَذَا بَاطِلٌ، أَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَفِيهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَانْفَرَدَ عَنْهُ أَيْضًا إبْرَاهِيمُ بْنُ زَكَرِيَّا الْوَاسِطِيُّ وَلَا يُدْرَى مَنْ هُوَ، وَحَدِيثُ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ضَعِيفٌ.

وَمِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ بِعَيْنِهَا فِيمَنْ مَنَعَ الزَّكَاةَ: «إنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ عَزْمَةٌ مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا» فَإِنْ احْتَجُّوا بِهِ فِي الْحَبْسِ فِي التُّهْمَةِ فَلْيَأْخُذُوا بِرِوَايَتِهِ هَذِهِ وَإِلَّا فَالْقَوْمُ مُتَلَاعِبُونَ بِالدَّيْنِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015