قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ: مَنْ قَتَلَ عَبْدًا خَطَأً فَقِيمَتُهُ عَلَى الْعَاقِلَةِ مَا لَمْ تَبْلُغْ قِيمَتُهُ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَأَكْثَرَ، فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ غَيْرَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَفِي الْأَمَةِ قِيمَتُهَا كَذَلِكَ مَا لَمْ تَبْلُغْ خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَصَاعِدًا، فَإِنْ بَلَغَتْهَا فَلَيْسَ فِيهَا إلَّا خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ غَيْرَ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ عَلَى الْعَاقِلَةِ.
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَحْدَهُ: وَأَمَّا مَا دُونَ النَّفْسِ فَمِنْ قِيمَتِهَا مِثْلُ مَا فِي الْجِنَايَةِ، وَعَلَى الْحُرِّ مِنْ دِيَتِهِ، فَإِذَا بَلَغَ أَرْشَ ذَلِكَ مِنْ الْحُرِّ، أَنْقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ أَوْ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ هَكَذَا جُمْلَةٌ.
ثُمَّ رَجَعَ عَنْ الْأُذُنِ وَالْحَاجِبِ خَاصَّةً فَقَالَ: فِيهِمَا مَا نَقْصُهُمَا فَقَطْ، فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ مُسْتَهْلَكَةً فَلَيْسَ لَهُ إلَّا إمْسَاكُهُ، كَمَا هُوَ، وَلَا شَيْءَ لَهُ، أَوْ إسْلَامُهُ وَأَخَذَ مَا كَانَ يَأْخُذُ لَوْ قُتِلَ خَطَأً.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ فِي قَتْلِ الْعَبْدِ خَطَأً وَالْجِنَايَةِ: عَلَيْهِ قِيمَتُهُ مَا بَلَغَتْ وَلَوْ تَجَاوَزَتْ دِيَاتٍ - وَوَافَقَهُ مُحَمَّدٌ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ.
وَاتَّفَقُوا كُلُّهُمْ فِي الْجِنَايَةِ الْمُسْتَهْلَكَةِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ الَّذِي ذَكَرْنَا.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُمَا أَنَّهُ إنْ أَمْسَكَهُ أَخَذَ قِيمَةَ مَا نَقَصْته الْجِنَايَةُ الْمُسْتَهْلَكَةُ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ خَاصَّةً مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْحَاجِبُ، وَالْأُذُنُ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَذُكِرَ ذَلِكَ فِي اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ.
وَرُوِيَ عَنْ زُفَرَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ مَرَّةً مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ الْآخِرِ، وَمَرَّةً مِثْلُ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ، وَوَافَقَ أَبَا حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ فِي النَّفْسِ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ جِرَاحُ الْعَبْدِ فِي قِيمَتِهِ كَجِرَاحِ الْحُرِّ فِي دِيَتِهِ إلَّا أَنْ تَبْلُغَ قِيمَةُ الْعَبْدِ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَصَاعِدًا أَوْ تَبْلُغَ قِيمَةُ الْأَمَةِ خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَصَاعِدًا فَلَا تَبْلُغُ بِأَرْشِ تِلْكَ الْجِرَاحَةِ مِقْدَارَهَا مِنْ دِيَةِ الْحُرِّ، أَوْ الْحُرَّةِ، لَكِنْ يَحُطُّ مِنْ ذَلِكَ حِصَّتَهَا مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فِي الْعَبْدِ، وَحِصَّتَهَا مِنْ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ فِي الْأَمَةِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ قَطْعَ أُذُنٍ فَبَرِئَ، أَوْ نَتْفَ حَاجِبٍ فَبَرِئَ، وَلَمْ يَنْبُتْ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا مَا نَقَصَهُ - وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ.
فَإِنْ بَلَغَ مِنْ الْجِنَايَةِ عَلَى الْعَبْدِ مَا لَوْ جَنَى عَلَى حُرٍّ لَوَجَبَتْ فِيهِ الدِّيَةُ كُلُّهَا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا إمْسَاكُهُ كَمَا هُوَ، وَلَا شَيْءَ لَهُ أَوْ إسْلَامُهُ إلَى الْجَانِي وَأَخْذُ جَمِيعِ قِيمَتِهِ مَا لَمْ يَبْلُغْ عَشَرَةَ