المحلي بالاثار (صفحة 2567)

بِهَرْقِهَا، فَمَا لَا يَحِلُّ بَيْعُهُ وَلَا مِلْكُهُ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ، فَإِنْ قَالُوا: هِيَ أَمْوَالُ أَهْلِ الذِّمَّةِ؟ قُلْنَا: كَذَبْتُمْ وَمَا جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى مُذْ حَرَّمَهَا مَالًا لِأَحَدٍ، وَلَكِنْ أَخْبِرُونَا: أَهِيَ حَلَالٌ لِأَهْلِ الذَّمَّةِ أَمْ هِيَ حَرَامٌ عَلَيْهِمْ؟ فَإِنْ قَالُوا: هِيَ لَهُمْ حَلَالٌ كَفَرُوا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَخْبَرَ فِيمَا نَعَاهُ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ {وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ} [التوبة: 29] .

وَلَا يَخْتَلِفُ مُسْلِمَانِ فِي أَنَّ دِينَ الْإِسْلَامِ لَازِمٌ لِلْكُفَّارِ لُزُومَهُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَبْعُوثٌ إلَيْهِمْ كَمَا بُعِثَ إلَيْنَا، وَأَنَّ طَاعَتَهُ فَرْضٌ عَلَيْهِمْ كَمَا هِيَ عَلَيْنَا؟ فَإِنْ قَالُوا: بَلْ هِيَ عَلَيْهِمْ حَرَامٌ؟ قُلْنَا: صَدَقْتُمْ فَمَنْ أَتْلَفَ مَالًا لَا يَحِلُّ تَمَلُّكُهُ فَقَدْ أَحْسَنَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَاحْتَجُّوا بِرِوَايَةٍ رُوِّينَاهَا مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى الْجُعْفِيُّ عَنْ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قِيلَ لَهُ: عُمَّالُك يَأْخُذُونَ الْخَمْرَ، وَالْخَنَازِيرَ فِي الْخَرَاجِ؟ فَقَالَ لَهُ بِلَالٌ: إنَّهُمْ لَيَفْعَلُونَ؟ فَقَالَ عُمَرُ: لَا تَفْعَلُوا وَلُّوهُمْ هُمْ بَيْعَهَا.

وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ كِدَامٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ إسْرَائِيلَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ أَنَّ بِلَالًا قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: إنَّ عُمَّالَك يَأْخُذُونَ الْخَمْرَ وَالْخَنَازِيرَ فِي الْخَرَاجِ؟ فَقَالَ: لَا تَأْخُذُوهَا مِنْهُمْ، وَلَكِنْ وَلُّوهُمْ أَنْتُمْ بَيْعهَا وَخُذُوا أَنْتُمْ مِنْ الثَّمَن.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا لَا حُجَّة فِيهِ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ سُفْيَانَ - وَهُوَ الصَّحِيحُ - لَيْسَ فِيهِ مَا زَادَ إسْرَائِيلُ وَإِنَّمَا فِيهِ " وَلُّوهُمْ بَيْعَهَا ".

وَهَذَا كَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى} [النساء: 115] وَإِسْرَائِيلُ ضَعِيفٌ.

ثُمَّ لَوْ صَحَّ فَلَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَإِنَّ مِنْ الْعَجَبِ أَنْ يُخَالِفُوا عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي تَفْرِيقِهِ بَيْنَ ذَوِي الْمَحَارِمِ مِنْ الْمَجُوسِ وَنَهْيِهِ لَهُمْ عَنْ الزَّمْزَمَةِ ثُمَّ يُقَلِّدُونَ هَاهُنَا رِوَايَةً سَاقِطَةً مُخَالِفَةً لِلْقُرْآنِ، وَالسُّنَنِ وَإِنْ كَانَتْ الْخَمْرُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَإِنَّ الصَّلِيبَ وَالْأَصْنَامَ عِنْدَهُمْ أَجَلُّ مِنْ الْخَمْرِ، فَيَجِبُ عَلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ أَنْ يُضَمِّنُوا مَنْ كَسَرَ لَهُمْ صَلِيبًا أَوْ صَنَمًا حَتَّى يُعِيدَهُ سَالِمًا صَحِيحًا وَإِلَّا فَقَدْ تَنَاقَضُوا؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015