المحلي بالاثار (صفحة 2520)

وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَابْنُ شُبْرُمَةَ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ، وَجَمِيعُ أَصْحَابِنَا، كَمَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ الْحَقَّ قَدْ سَقَطَ جُمْلَةً عَنْ الْمَضْمُونِ عَنْهُ، وَلَا سَبِيلَ لِلْمَضْمُونِ لَهُ إلَيْهِ أَبَدًا، وَإِنَّمَا حَقُّهُ عِنْدَ الضَّامِنِ أَنْصَفَهُ أَوْ لَمْ يُنْصِفْهُ.

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ أَشْعَثَ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْحُمْرَانِيِّ، عَنْ الْحَسَنِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَا جَمِيعًا: الْكَفَالَةُ، وَالْحَوَالَةُ سَوَاءٌ - وَقَدْ ذَكَرْنَا بُرْهَانَ ذَلِكَ مِنْ السُّنَّةِ.

وَأَيْضًا: فَإِنَّ مِنْ الْمُحَالِ الْمُمْتَنِعِ أَنْ يَكُونَ مَالُ وَاحِدٍ مَعْدُودٍ مَحْدُودٍ هُوَ كُلَّهُ عَلَى زَيْدٍ، وَهُوَ كُلُّهُ عَلَى عَمْرٍو، وَلَوْ كَانَ هَذَا لَكَانَ لِلَّذِي هُوَ لَهُ عَلَيْهِمَا أَنْ يَأْخُذَهُمَا جَمِيعًا بِجَمِيعِهِ فَيَحْصُلُ لَهُ الْعَدَدُ مُضَاعَفًا، وَلَمَا سَقَطَ عَنْ أَحَدِهِمَا حَقٌّ قَدْ لَزِمَهُ بِأَدَاءِ آخَرَ عَنْ نَفْسِهِ مَا لَزِمَهُ أَيْضًا - وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهَذَا.

فَظَهَرَ تَنَاقُضُهُمْ وَاخْتِلَاطُ قَوْلِهِمْ وَأَنَّهُ لَا يُعْقَلُ، وَلَا يَسْتَقِرُّ.

فَإِنْ قَالُوا: إنَّمَا هُوَ لَهُ عَلَى أَيِّهِمَا طَلَبَهُ مِنْهُ؟ قُلْنَا: فَهَذَا أَدْخَلَ فِي الْمُحَالِ، لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا لَمْ يَسْتَقِرَّ حَقُّهُ عَلَى وَاحِدٍ.

مِنْهُمَا بَعْدُ - لَا عَلَى الضَّامِنِ وَلَا عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ - فَإِذَا هُوَ كَذَلِكَ فَلَا حَقَّ لَهُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْدُ.

فَإِنْ قَالُوا: فَإِنَّكُمْ تَقُولُونَ فِي وَارِثَيْنِ تَرَكَ مُوَرِّثُهُمَا أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ ظَهَرَ غَرِيمٌ لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفُ دِرْهَمٍ: أَنَّهُ يَأْخُذُهَا مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ؟ وَتَقُولُونَ فِيمَنْ بَاعَ شِقْصًا مُشَاعًا، ثُمَّ بَاعَهُ الْمُبْتَاعُ مِنْ آخَرَ، وَالثَّالِثُ مِنْ رَابِعٍ: أَنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُهُ بِالشُّفْعَةِ مِنْ أَيِّهِمْ شَاءَ؟ وَتَقُولُونَ فِيمَنْ غَصَبَ مَالًا ثُمَّ وَهَبَهُ لِآخَرَ: فَإِنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ يَأْخُذُ بِمَالِهِ أَيَّهمَا شَاءَ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا مِمَّا أَنْكَرْنَاهُ مِنْ كَوْنِ مَالٍ وَاحِدٍ عَلَى اثْنَيْنِ هُوَ كُلُّهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَمَّا الْوَارِثَانِ فَإِنَّهُمَا اقْتَسَمَا مَا لَا يَحِلُّ لَهُمَا اقْتِسَامَهُ، وَحَقُّ الْغَرِيمِ فِي ذَلِكَ الْمَالِ بِعَيْنِهِ، لَا عِنْدَ الْوَارِثَيْنِ أَصْلًا، فَإِنَّمَا يَأْخُذُ حَقَّهُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ حَيْثُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015