فَرَدَّهَا عَلَيْهِ عُمَرُ؟ فَقَالَ لَهُ: أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ: لَا حَاجَةَ لِي بِمَا مَنَعَك طِيبَ ثَمَرَتِي، فَقِبَلهَا عُمَرُ، وَقَالَ: إنَّمَا الرِّبَا عَلَى مَنْ أَرَادَ أَنْ يُرْبِيَ وَيُنْسِئَ.
وَبِهِ إلَى سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَذَكَرَ نَهَى عَلْقَمَةَ عَنْ أَكْلِ الْمَرْءِ عِنْدَ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ فَقَالَ إبْرَاهِيمُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا كَانَ يَتَعَاطَيَانِهِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ هُوَ الْحَقُّ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَلِكُلِّ امْرِئِ مَا نَوَى» .
وَلَوْ كَانَتْ هَدِيَّةُ الْغَرِيمِ وَالضِّيَافَةُ مِنْهُ حَرَامًا أَوْ مَكْرُوهًا لَمَا أَغْفَلَ اللَّهُ تَعَالَى بَيَانَهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64] فَإِذَا لَمْ يَنْهَ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ فَهُوَ حَلَالٌ مَحْضٌ، وَإِلَّا مَا كَانَ عَنْ شَرْطٍ بَيْنَهُمَا.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً، فَكَانَ مَاذَا؟ أَيْنَ وَجَدُوا النَّهْيَ عَنْ سَلَفٍ جَرَّ مَنْفَعَةً؟ فَلْيَعْلَمُوا الْآنَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْعَالَمِ سَلَفٌ إلَّا وَهُوَ يَجُرُّ مَنْفَعَةً وَذَلِكَ انْتِفَاعُ الْمُسَلِّفِ بِتَضْمِينِ مَالِهِ، فَيَكُونُ مَضْمُونًا - تَلِفَ أَوْ لَمْ يَتْلَفْ - مَعَ شُكْرِ الْمُسْتَقْرِضِ إيَّاهُ، وَانْتِفَاعِ الْمُسْتَقْرِضِ بِمَالِ غَيْرِهِ مُدَّةَ مَا، فَعَلَى قَوْلِهِمْ كُلُّ سَلَفٍ فَهُوَ حَرَامٌ، وَفِي هَذَا مَا فِيهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَتَمَّ " كِتَابُ الْقَرْضِ " وَالْحَمْدُ لِلَّهِ [وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ] .