مَسْأَلَةٌ
وَلَا يُجْزِئُ إطْعَامُ مِسْكِينٍ وَاحِدٍ أَوْ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ يُرْدَدُ عَلَيْهِمْ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى افْتَرَضَ عَشْرَةَ مَسَاكِينَ، وَهُنَا خِلَافُ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَجُوزُ - وَرُوِّينَا مِثْلَ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ الْحَسَنِ، وَخَالَفَهُ الشَّعْبِيُّ، وَلَا يُجْزِئُ إلَّا مِثْلُ مَا يُطْعِمُ الْإِنْسَانُ أَهْلَهُ، فَإِنْ كَانَ يُعْطِي أَهْلَهُ الدَّقِيقَ، فَلْيُعْطِ الْمَسَاكِينَ الدَّقِيقَ، وَإِنْ كَانَ يُعْطِي أَهْلَهُ الْحَبَّ فَلْيُعْطِ الْمَسَاكِينَ الْحَبَّ، وَإِنْ كَانَ يُعْطِي أَهْلَهُ الْخُبْزَ، فَلْيُعْطِ الْمَسَاكِينَ الْخُبْزَ، وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ أَطْعَمَ أَهْلَهُ فَمِنْهُ يُطْعِمُ الْمَسَاكِينَ، وَلَا يُجْزِئُهُ غَيْرُ ذَلِكَ أَصْلًا، لِأَنَّهُ خِلَافُ نَصِّ الْقُرْآنِ وَيُعْطِي مِنْ الصِّفَةِ، وَالْمَكِيلِ الْوَسَطِ - لَا الْأَعْلَى وَلَا الْأَدْنَى - كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ. وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا -: فَصَحَّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ: لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعِ حِنْطَةٍ، أَوْ صَاعُ تَمْرٍ، أَوْ شَعِيرٍ -. وَعَنْ عَلِيٍّ مِثْلُهُ.
وَرُوِّينَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ: لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعِ حِنْطَةٍ. وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مِثْلُهُ.
وَعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ: لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعِ بُرٍّ أَوْ صَاعُ تَمْرٍ - وَهُوَ قَوْلُ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَقَالَ: أَوْ أَكْلَةٌ مَأْدُومَةٌ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: مَكُّوكُ حِنْطَةٍ، وَمَكُّوكُ تَمْرٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ.
وَالْمَكُّوكُ نِصْفُ صَاعٍ.
قَالَ الْحَسَنُ: وَإِنْ شَاءَ أَطْعَمَهُمْ أَكْلَةً خُبْزًا، وَلَحْمًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَخُبْزًا وَسَمْنًا وَلَبَنًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَخُبْزًا وَخَلًّا وَزَيْتًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ.
وَقَالَ قَتَادَةَ أَيْضًا: مَكُّوكُ تَمْرٍ، وَمَكُّوكُ حِنْطَةٍ.
وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ مُدُّ بُرٍّ، وَمُدُّ تَمْرٍ - هَذَا كُلُّهُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ.
وَقَالَ عَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ: عَشْرَةُ أَمْدَادٍ لِعَشَرَةِ مَسَاكِينَ، وَمُدَّانِ لِلْحَطَبِ، وَالْإِدَامِ.
وَعَنْ الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ: يَجْمَعُهُمْ فَيُشْبِعُهُمْ مَرَّةً وَاحِدَةً.
وَصَحَّ أَيْضًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ: مُدُّ تَمْرٍ وَمُدُّ حِنْطَةٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ.