قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَالَ: " إنْ شَاءَ اللَّهُ " أَوْ " فَاسْتَثْنَى " يَقْتَضِي الْقَوْلَ، وَالْقَوْلُ لَا يَكُونُ إلَّا بِاللِّسَانِ، لَا يَكُونُ بِالنِّيَّةِ أَصْلًا.
وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ: إنْ اسْتَثْنَى فِي نَفْسِهِ أَجْزَأَهُ.
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ عَنْ مُحِلِّ بْنِ مُحْرِزٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: لَا، حَتَّى يَجْهَرَ بِالِاسْتِثْنَاءِ كَمَا جَهَرَ بِالْيَمِينِ.
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ إبْرَاهِيمَ: إنْ اسْتَثْنَى فِي نَفْسِهِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ حَتَّى يُظْهِرَهُ بِلِسَانِهِ.
وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ حَمَّادٍ فِي الِاسْتِثْنَاءِ: لَيْسَ بِشَيْءٍ حَتَّى يَسْمَعَ نَفْسَهُ.
وَعَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ إذَا حَرَّكَ لِسَانَهُ أَجْزَأَ عَنْهُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَبِهَذَا نَقُولُ، لِأَنَّهُ قَوْلٌ صَحِيحٌ - يَعْنِي حَرَكَةَ اللِّسَانِ.
وَأَمَّا وَصْلُ الِاسْتِثْنَاءِ بِالْيَمِينِ فَإِنَّ أَبَا ثَوْرٍ قَالَ: لَا يَكُونُ مُسْتَثْنِيًا إلَّا حَتَّى يَنْوِيَ الِاسْتِثْنَاءَ فِي حِينِ نُطْقِهِ بِالْيَمِينِ، لَا بَعْدَ تَمَامِهَا، لِأَنَّهُ إذَا أَتَمَّ الْيَمِينَ وَلَمْ يَنْوِ فِيهَا الِاسْتِثْنَاءَ كَانَ قَدْ عَقَّدَ يَمِينَهُ فَلَزِمَتْهُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَلَا يَعْتَرِضُ بِالنَّظَرِ عَلَى بَيَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ حَلَفَ فَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ» فَأَثْبَتَ لَهُ الْيَمِينَ أَوَّلًا، ثُمَّ أَسْقَطَهَا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْهُ بِقَوْلِهِ: " فَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ " وَالْفَاءُ تُعْطِي أَنْ تَكُونَ الثَّانِي بَعْدَ الْأَوَّلِ بِلَا مُهْلَةٍ - فَصَحَّ مَا قُلْنَاهُ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الِاسْتِثْنَاءُ جَائِزٌ أَبَدًا مَتَى أَرَادَ أَنْ يَسْتَثْنِيَ -: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُد هُوَ الْخُرَيْبِيُّ - عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَهُ ثُنْيَاهُ بَعْدَ كَذَا وَكَذَا.
وَمِنْ طَرِيقِ خُصَيْفٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: إنْ قَالَ بَعْدَ سِنِينَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَقَدْ اسْتَثْنَى.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ -: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: إنْ قَالَ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ - إنْ شَاءَ اللَّهُ - فَقَدْ اسْتَثْنَى.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: بَعْدَ شَهْرٍ -: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ عَنْ