اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْهُ» .
فَإِنْ قِيلَ: إنَّ هَذَا فِيمَا كَانَ فِي كِلَيْهِمَا خَيْرٌ إلَّا أَنَّ الْآخَرَ أَكْثَرُ خَيْرًا؟ قُلْنَا: هَذِهِ دَعْوَى، بَلْ كُلُّ شَرٍّ فِي الْعَالَمِ، وَكُلُّ مَعْصِيَةٍ، فَالْبِرُّ وَالتَّقْوَى خَيْرٌ مِنْهُمَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} [النمل: 59] .
فَصَحَّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَيْرٌ مِنْ الْأَوْثَانِ، وَلَا شَيْءَ مِنْ الْخَيْرِ فِي الْأَوْثَانِ.
وَقَالَ تَعَالَى: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا} [الفرقان: 24] وَلَا خَيْرَ فِي جَهَنَّمَ أَصْلًا.
وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ [ثنا مَعْمَرٌ] عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ نا أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَاَللَّهِ لَأَنْ يَلِجَّ أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ فِي أَهْلِهِ آثَمُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ أَنْ يُعْطِيَ كَفَّارَتَهُ الَّتِي فَرَضَ اللَّهُ» .
فَصَحَّ بِهَذَا الْخَبَرِ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ فِي الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ الَّتِي يَكُونُ التَّمَادِي عَلَى الْوَفَاءِ بِهَا إثْمًا - وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ رَأَى فِي ذَلِكَ الْكَفَّارَةَ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَاضِرِينَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
1136 - مَسْأَلَةٌ
وَالْيَمِينُ مَحْمُولَةٌ عَلَى لُغَةِ الْحَالِفِ وَعَلَى نِيَّتِهِ، وَهُوَ مُصَدِّقٌ فِيمَا ادَّعَى مِنْ ذَلِكَ إلَّا مَنْ لَزِمَتْهُ يَمِينٌ فِي حَقٍّ لِخَصْمِهِ عَلَيْهِ - وَالْحَالِفُ مُبْطِلٌ - فَإِنَّ الْيَمِينَ هَهُنَا عَلَى نِيَّةِ الْمَحْلُوفِ لَهُ.
وَمَنْ قِيلَ لَهُ: قُلْ كَذَا أَوْ كَذَا؟ فَقَالَ - وَكَانَ ذَلِكَ الْكَلَامُ يَمِينًا بِلُغَةٍ لَا يُحْسِنُهَا الْقَائِلُ - فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَحْلِفْ - وَمَنْ حَلَفَ بِلُغَتِهِ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَهُمْ فَهُوَ حَالِفٌ، فَإِنْ حَنِثَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ.
بُرْهَانُ ذَلِكَ -: أَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا هِيَ إخْبَارٌ مِنْ الْحَالِفِ عَمَّا يَلْتَزِمُ بِيَمِينِهِ تِلْكَ، وَكُلُّ