فَقَالَ: قُلْت: وَالْبَيْتُ، وَكِتَابُ اللَّهِ؟ فَقَالَ عَطَاءٌ: لَيْسَا لَك بِرَبٍّ، لَيْسَا يَمِينًا - وَبِهِ يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ.
وَقَدْ كَانَ يَلْزَمُ الْحَنَفِيِّينَ، وَالْمَالِكِيِّينَ أَنْ يَقُولُوا بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ لَهُ فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ.
1131 - مَسْأَلَةٌ: وَلَغْوُ الْيَمِينِ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ، وَلَا إثْمَ، وَهُوَ وَجْهَانِ -:
أَحَدُهُمَا: مَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْمَرْءُ - وَهُوَ لَا يَشُكُّ فِي أَنَّهُ كَمَا حَلَفَ عَلَيْهِ - ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ.
وَالثَّانِي: مَا جَرَى بِهِ لِسَانُ الْمَرْءِ فِي خِلَالِ كَلَامِهِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ فَيَقُولُ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهِ: لَا وَاَللَّهِ، وَأَيْ وَاَللَّهِ - وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ} [المائدة: 89] .
وَصَحَّ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: رُبَّمَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ لِبَعْضِ بَنِيهِ: لَقَدْ حَفِظْت عَلَيْك فِي هَذَا الْمَجْلِسِ أَحَدَ عَشَرَ يَمِينًا، وَلَا يَأْمُرُهُ بِكَفَّارَةٍ.
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ نا ابْنُ جُرَيْجٍ أَنَا عَطَاءً أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ وَقَدْ سَأَلَهَا عُبَيْدُ بْنَ عُمَيْرٍ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [المائدة: 89] قَالَتْ: هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ لَا وَاَللَّهِ، وَبَلَى وَاَللَّهِ.
وَمِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ فِي اللَّغْوِ: هُوَ قَوْلُ الْقَوْمِ يَتَدَارَءُونَ فِي الْأَمْرِ يَقُولُ هَذَا: لَا وَاَللَّهِ، وَبَلَى وَاَللَّهِ، وَكَلَا وَاَللَّهِ، وَلَا تَعْقِدُ عَلَيْهِ قُلُوبُهُمْ.
وَهُوَ قَوْلُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَعَطَاءٍ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَالشَّعْبِيِّ، وَعِكْرِمَةَ، وَمُجَاهِدٍ، وَطَاوُسٍ، وَالْحَسَنِ، وَالزُّهْرِيِّ، وَأَبِي قِلَابَةَ، وَغَيْرِهِمْ.
وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبَّاسٍ - وَلَا يَصِحُّ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ طَرِيقِ الْكَلْبِيِّ -: لَغْوُ الْيَمِينِ هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ هَذَا وَاَللَّهِ فُلَانٌ، وَلَيْسَ بِفُلَانٍ.
وَهُوَ أَيْضًا قَوْلُ الْحَسَنِ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَالشَّعْبِيِّ، وَمُجَاهِدٍ، وَقَتَادَةَ، وَزُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى