عَنْ صَوْمِ يَوْمِ النَّحْرِ. وَأَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْهُ؟ فَقَالَتْ: نَذَرْت أَنْ أَمْشِيَ حَاسِرَةً؟ فَقَالَ: أَوْفِي بِنَذْرِك، وَاخْتَمِرِي.
وَقَدْ ذَكَرْنَا قَبْلُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: سُقُوطَ نَذْرِ الْمَعْصِيَةِ جُمْلَةً وَبِهَذَا نَقُولُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَأَمَّا مَنْ نَذَرَ نَحْرَ فَرَسِهِ أَوْ بَغْلَتِهِ، فَلْيَنْحَرْهُمَا لِلَّهِ، وَكَذَلِكَ مَا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهُ نَذْرُ طَاعَةٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَأَمَّا مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، أَوْ مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، أَوْ إلَى مَكَان سَمَّاهُ مِنْ الْحَرَمِ، أَوْ إلَى مَسْجِدٍ مِنْ سَائِرِ الْمَسَاجِدِ، فَإِنَّهُ إنْ نَذَرَ مَشْيًا، أَوْ رُكُوبًا، أَوْ نُهُوضًا إلَى مَكَّةَ، أَوْ إلَى مَوْضِعٍ مِنْ الْحَرَمِ لَزِمَهُ؛ لِأَنَّهُ نَذْرُ طَاعَةٍ، وَالْحَرَمُ كُلُّهُ مَسْجِدٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي " كِتَابِ الْحَجِّ " فَأَغْنَى عَنْ إعَادَتِهِ.
وَكَذَلِكَ إنْ نَذَرَ مَشْيًا، أَوْ نُهُوضًا، أَوْ رُكُوبًا إلَى الْمَدِينَةِ، لَزِمَهُ ذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ إلَى أَثَرٍ مِنْ آثَارِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ -، فَإِنْ نَذَرَ مَشْيًا، أَوْ رُكُوبًا، أَوْ اعْتِكَافًا، أَوْ نُهُوضًا إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَزِمَهُ.
فَإِنْ نَذَرَ صَلَاةً فِيهِ كَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ أَمْرَيْنِ -:
أَحَدُهُمَا - وَهُوَ الْأَفْضَلُ أَنْ يَنْهَضَ إلَى مَكَّةَ فَيُصَلِّي فِيهَا وَيُجْزِيه.
وَالثَّانِي - أَنْ يَنْهَضَ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَإِنْ نَذَرَ مَشْيًا، وَنُهُوضًا، أَوْ رُكُوبًا إلَى مَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِ الْأَرْضِ غَيْرِ هَذِهِ، لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ أَصْلًا.
بُرْهَانُ ذَلِكَ -: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ شَدِّ الرَّحَّالِ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ فَقَطْ، الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى» .
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبَزَّارِ نا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ نا رَوْحٌ هُوَ ابْنُ عُبَادَةَ - نا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا الرِّحْلَةُ إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، وَمَسْجِدِ إيلْيَاءَ» فَصَارَ الْقَصْدُ إلَى مَا سِوَاهَا مَعْصِيَةً، وَالْمَعْصِيَةُ لَا يَجُوزُ الْوَفَاءُ بِهَا.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَلْزَمَ مَا لَمْ يَنْذُرْهُ مِنْ صَلَاةٍ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ الَّذِي سَمَّى.