وَذَكَرُوا مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقٍ غَيْرِ مَشْهُورَةٍ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أُسَامَةَ رَجُلًا مِنْ جِيرَانِنَا قَالَ: سَمِعْت شِهَابَ بْنَ عَبَّادٍ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ فَقَالَ: لَا يَضُرُّك أَنْ تَخْلِطَهُمَا جَمِيعًا أَوْ تُنْبَذَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا لَا شَيْءَ، فَلَا أَكْثَرَ، أُسَامَةُ رَجُلٌ مِنْ جِيرَانِ شُعْبَةَ وَمَا نَعْلَمُ أَتَمَّ جَهْلًا، أَوْ أَقَلَّ حَيَاءً مِمَّنْ يَتَعَلَّقُ بِهَذَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَا يَصِحُّ أَصْلًا - ثُمَّ يُخَالِفُ رِوَايَةَ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ نَصْرِ بْنِ عِمْرَان الضُّبَعِيِّ قَالَ: قُلْت لِابْنِ عَبَّاسٍ: إنِّي أَنْتَبِذْ فِي جَرَّةٍ خَضْرَاءَ نَبِيذًا حُلْوًا فَأَشْرَبُ مِنْهُ فَيُقَرْقِرُ بَطْنِي. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا تَشْرَبْ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ أَحْلَى مِنْ الْعَسَلِ.
فَإِنْ قَالُوا: قَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَسْخُ النَّهْيِ عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ. قُلْنَا: النَّهْيُ وَاَللَّهِ عَنْ خَلْطِ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ أَصَحُّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ نَسْخِ النَّهْيِ عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ الَّذِي لَمْ يَأْتِ إلَّا مِنْ طَرِيقِ بُرَيْدَةَ وَجَابِرٍ فَقَطْ، وَالنَّهْيُ عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ فِي الِانْتِبَاذِ صَحَّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي قَتَادَةَ، وَجَابِرٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، فَهُوَ نَقْلُ تَوَاتُرٍ وَلَمْ يَأْتِ قَطُّ شَيْءٌ يَنْسَخُهُ لَا ضَعِيفٌ وَلَا قَوِيٌّ.
وَقَالُوا: أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ جَمْعِهِمَا فِي الْإِنَاءِ، وَبَيْنَ جَمْعِهِمَا فِي الْبَطْنِ؟ فَقُلْنَا: لَا يُعَارَضُ بِهَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ وَبَيْنَ نِكَاحِهِمَا وَاحِدَةً بَعْدَ أُخْرَى؟ وَلَوْ عَارَضْتُمْ أَنْفُسَكُمْ فِي فَرْقِكُمْ بَيْنَ الْآبِقِ يُوجَدُ فِي الْمِصْرِ، وَبَيْنَ الْآبِقِ يُوجَدُ خَارِجَ الْمِصْرِ عَلَى ثَلَاثٍ لَأَصَبْتُمْ.
وَفِي فَرْقِكُمْ بَيْنَ السَّرِقَةِ مِنْ الْحِرْزِ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَلَا يُوجِبُ الْقَطْعَ [وَبَيْنَ] سَرِقَةِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ فَلَا يُوجِبُ الْقَطْعَ، فَإِذَا اجْتَمَعَا فَسَرَقَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مِنْ حِرْزٍ وَجَبَ الْقَطْعُ، وَبَيْنَ الْقَهْقَهَةِ تَكُونُ فِي الصَّلَاةِ فَتَنْقُضُ الْوُضُوءَ، وَتَكُونُ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَلَا تَنْقُضُهُ لَكَانَ أَسْلَمَ لَكُمْ.
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَفْضَخَ الْعِذْقَ بِمَا فِيهِ، وَمَا نَعْلَمُ هَذَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ غَيْرِهِ، عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ بَيَانٌ لِإِبَاحَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ وَسَائِرِ مَا جَاءَ النَّهْيُ عَنْهُ.