[كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ وَمَا يَحِلُّ مِنْهَا وَمَا يَحْرُمُ] [مَسْأَلَةٌ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ]
مَسْأَلَةٌ: كُلُّ شَيْءٍ أَسْكَرَ كَثِيرُهُ أَحَدًا مِنْ النَّاسِ فَالنُّقْطَةُ مِنْهُ فَمَا فَوْقَهَا إلَى أَكْثَرِ الْمَقَادِيرِ: خَمْرٌ حَرَامٌ -: مِلْكُهُ، وَبَيْعُهُ، وَشُرْبُهُ، وَاسْتِعْمَالُهُ عَلَى أَحَدٍ - وَعَصِيرُ الْعِنَبِ، وَنَبِيذُ التِّينِ، وَشَرَابُ الْقَمْحِ، وَالسَّيْكَرَانِ، وَعَصِيرُ كُلِّ مَا سِوَاهَا وَنَقِيعُهُ، وَشَرَابُهُ - طُبِخَ كُلُّ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُطْبَخْ - ذَهَبَ أَكْثَرُهُ أَوْ أَقَلُّهُ سَوَاءٌ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا وَلَا فَرْقَ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ وَغَيْرِهِمْ - وَفِي هَذَا اخْتِلَافٌ قَدِيمٌ وَحَدِيثٌ بَعْدَ صِحَّةِ الْإِجْمَاعِ عَلَى تَحْرِيمِ الْخَمْرِ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا -: فَرُوِّينَا عَنْ طَائِفَةٍ أَنَّهَا قَالَتْ: شَرَابُ الْبُسْرِ وَحْدَهُ خَمْرٌ مُحَرَّمَةٌ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الرُّطَبُ، وَالْبُسْرُ إذَا خُلِطَا، فَشَرَابُهُمَا خَمْرٌ مُحَرَّمَةٌ، وَكَذَلِكَ التَّمْرُ وَالْبُسْرُ إذَا خُلِطَا. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: عَصِيرُ الْعِنَبِ إذَا أَسْكَرَ، وَنَقِيعُ الزَّبِيبِ إذَا أَسْكَرَ، وَلَمْ يُطْبَخَا: هِيَ الْخَمْرُ الْمُحَرَّمَةُ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا، [وَكُلُّ] مَا عَدَا ذَلِكَ حَلَالٌ مَا لَمْ يُسْكَرْ مِنْهُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا خَمْرَ إلَّا عَصِيرُ الْعِنَبِ إذَا أَسْكَرَ مَا لَمْ يُطْبَخْ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَاهُ فَهُوَ حَرَامٌ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ، فَإِذَا طُبِخَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ خَمْرًا بَلْ هُوَ حَلَالٌ أَسْكَرَ أَوْ لَمْ يُسْكِرْ. وَأَمَّا كُلُّ شَرَابٍ مَا عَدَا عَصِيرَ الْعِنَبِ الْمَذْكُورَ فَهُوَ حَلَالٌ أَسْكَرَ أَوْ لَمْ يُسْكِرْ كَنَقِيعِ الزَّبِيبِ وَغَيْرِهِ طُبِخَ كُلُّ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُطْبَخْ إلَّا أَنَّ السُّكْرَ مِنْهُ حَرَامٌ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: كُلُّ مَا عُصِرَ مِنْ الْعِنَبِ، وَنَبِيذِ الزَّبِيبِ، وَنَبِيذِ التَّمْرِ، وَالرُّطَبِ، وَالْبُسْرِ، وَالزَّهْوِ، فَلَمْ يُطْبَخْ، فَكُلُّ خَمْرٍ مُحَرَّمَةٌ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا، فَإِنْ طُبِخَ عَصِيرُ الْعِنَبِ