قَالَ عَلِيٌّ: لَا يَطْفُو الْحُوتُ أَصْلًا إلَّا حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يُقَارِبَ الْمَوْتَ فَإِذَا مَاتَ طَفَا ضَرُورَةً وَلَا بُدَّ، فَتَخْصِيصُهُمْ الطَّافِيَ بِالْمَنْعِ وَإِبَاحَتُهُمْ مَا مَاتَ فِي الْمَاءِ تَنَاقُضٌ.
991 - مَسْأَلَةٌ: وَأَمَّا مَا يَعِيشُ فِي الْمَاءِ وَفِي الْبَرِّ فَلَا يَحِلُّ أَكْلُهُ إلَّا بِذَكَاةٍ كَالسُّلَحْفَاةِ والباليمرين وَكَلْبِ الْمَاءِ وَالسَّمُّورِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْ صَيْدِ الْبَرِّ وَدَوَابِّهِ وَإِنْ قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ جَزَاهُ، وَأَمَّا الضِّفْدَعُ فَلَا يَحِلُّ أَكْلُهُ أَصْلًا لِمَا ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الْحَجِّ مِنْ نَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَبْحِهَا فَأَغْنَى عَنْ إعَادَتِهِ.
992 - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَحِلُّ أَكْلُ حَيَوَانٍ مِمَّا يَحِلُّ أَكْلُهُ مَا دَامَ حَيًّا لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3] فَحَرَّمَ عَلَيْنَا أَكْلَ مَا لَمْ نُذَكِّ، وَالْحَيُّ لَمْ يُذَكَّ بَعْدُ. وَكَذَلِكَ لَوْ ذُبِحَ حَيَوَانٌ أَوْ نُحِرَ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْهُ حَتَّى يَمُوتَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا} [الحج: 36] .
وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ حُكْمَ الْبَدَنِ وَغَيْرِهَا فِي هَذَا سَوَاءٌ، فَلَا يَحِلُّ بَلْعُ جَرَادَةٍ حَيَّةٍ، وَلَا بَلْعُ سَمَكَةٍ حَيَّةٍ، مَعَ أَنَّهُ تَعْذِيبٌ، وَقَدْ نُهِيَ عَنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ -: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ نَا مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ ابْنِ الْفُرَافِصَةِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: إنَّ الذَّكَاةَ: الْحَلْقُ وَاللَّبَّةُ لِمَنْ قَدَرَ، وَذَرُوا الْأَنْفُسَ حَتَّى تُزْهَقَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
993 - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَحِلُّ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْ حَيَوَانِ الْبَرِّ بِفَتْلِ عُنُقٍ، وَلَا بِشَدْخٍ، وَلَا بِغَمٍّ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3] وَلَيْسَ هَذَا ذَكَاةً.
994 - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَحِلُّ أَكْلُ الْعَذِرَةِ، وَلَا الرَّجِيعِ، وَلَا شَيْءٍ مِنْ أَبْوَالِ الْخُيُولِ، وَلَا الْقَيْءِ، وَلَا لُحُومِ النَّاسِ - وَلَوْ ذُبِحُوا - وَلَا أَكْلُ شَيْءٍ يُؤْخَذُ مِنْ الْإِنْسَانِ إلَّا اللَّبَنَ وَحْدَهُ، وَلَا شَيْءٍ مِنْ السِّبَاعِ ذَوَاتِ الْأَنْيَابِ، وَلَا أَكْلُ الْكَلْبِ، وَالْهِرِّ - الْإِنْسِيُّ وَالْبَرِّيُّ سَوَاءٌ - وَلَا الثَّعْلَبِ، حَاشَا الضَّبُعِ وَحْدَهَا، فَهِيَ حَلَالٌ أَكْلُهَا، وَلَوْ أَمْكَنَتْ ذَكَاةُ الْفِيلِ لَحَلَّ أَكْلُهُ؟
أَمَّا الْعَذِرَةُ وَالْبَوْلُ فَلِمَا ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ وَهُوَ يُدَافِعُ الْأَخْبَثَيْنِ الْبَوْلَ وَالْغَائِطَ، وَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157] .