عُمَرُ إلَى عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ أَنْ يَرْفَعَ الْجِزْيَةَ عَنْ رُءُوسِهِمَا وَأَنْ يَأْخُذَ الطَّسْقَ مِنْ أَرْضَيْهِمَا.
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَا وَكِيعٌ نَا سُفْيَانُ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ أَنَّ دُهْقَانَةَ مِنْ نَهْرِ الْمَلِكِ أَسْلَمَتْ فَقَالَ عُمَرُ: ادْفَعُوا إلَيْهَا أَرْضَهَا تُؤَدِّي عَنْهَا الْخَرَاجَ. نَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ نَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ الرَّفَيْلَ دُهْقَانَ النَّهْرَيْنِ أَسْلَمَ فَفَرَضَ لَهُ عُمَرُ فِي أَلْفَيْنِ، وَوَضَعَ عَنْ رَأْسِهِ الْجِزْيَةَ، وَأَلْزَمَهُ خَرَاجَ أَرْضِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: حَدِيثُ ابْنِ عَوْنٍ مُرْسَلٌ؟ قُلْنَا: سُبْحَانَ اللَّهِ وَإِذْ رُوِيَ الْمُرْسَلُ عَنْ مُعَاذٍ فِي اجْتِهَادِ الرَّأْيِ كَانَ حُجَّةً وَالْآنَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَلَا يُعْرَفُ لِمَنْ ذَكَرْنَا مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ.
958 - مَسْأَلَةٌ:
وَلَا يُقْبَلُ مِنْ كَافِرٍ إلَّا الْإِسْلَامُ، أَوْ السَّيْفُ - الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ - حَاشَا أَهْلَ الْكِتَابِ خَاصَّةً، وَهُمْ الْيَهُودُ، وَالنَّصَارَى، وَالْمَجُوسُ فَقَطْ، فَإِنَّهُمْ إنْ أَعْطُوا الْجِزْيَةَ أُقِرُّوا عَلَى ذَلِكَ مَعَ الصَّغَارِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ: أَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ كِتَابِيًّا مِنْ الْعَرَبِ خَاصَّةً فَالْإِسْلَامُ أَوْ السَّيْفُ.
وَأَمَّا الْأَعَاجِمُ فَالْكِتَابِيُّ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ، وَيُقَرُّ جَمِيعَهُمْ عَلَى الْجِزْيَةِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا بَاطِلٌ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5] ، وَقَالَ تَعَالَى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] فَلَمْ يَخُصَّ تَعَالَى عَرَبِيًّا مِنْ عَجَمِيٍّ فِي كِلَا الْحُكْمَيْنِ.