وَمِنْ طَرِيقِ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ أَنَّهُ رَكِبَ وَحْدَهُ حَتَّى أَتَى بَابَ دِمَشْقَ فَخَرَجَتْ إلَيْهِ خَيْلٌ مِنْهَا فَقَتَلَ مِنْهُمْ ثَلَاثَةً وَأَخَذَ خَيْلَهُمْ فَأَتَى بِهَا خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَعِنْدَهُ عَظِيمُ الرُّومِ فَابْتَاعَ مِنْهُ سَرْجَ أَحَدِهَا بِعَشَرَةِ آلَافٍ وَنَفَلَهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ كُلَّ مَا أَخَذَ مِنْ ذَلِكَ، فَهَذَا وَاثِلَةُ، وَخَالِدٌ وَسَعِيدٌ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ.
وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ السَّلَبُ لَا يُخَمَّسُ وَكَانَ أَوَّلُ سَلَبٍ خُمِّسَ فِي الْإِسْلَامِ سَلَبَ الْبَرَاءَ بْنَ مَالِكٍ، وَكَانَ قَتَلَ مَرْزُبَانَ الزَّأْرَةَ وَقَطَعَ مِنْطَقَتَهُ وَسِوَارَيْهِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ صَلَّى عُمَرُ الصُّبْحَ، ثُمَّ أَتَانَا فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَثَمَّ أَبُو طَلْحَةَ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ، فَخَرَجَ إلَيْهِ فَقَالَ عُمَرُ: إنَّا كُنَّا لَا نُخَمِّسُ السَّلَبَ وَإِنَّ سَلَبَ الْبَرَاءِ مَالٌ وَإِنِّي خَامِسُهُ، فَدَعَا الْمُقَوِّمِينَ فَقَوَّمُوا ثَلَاثِينَ أَلْفًا، فَأَخَذَ مِنْهَا سِتَّةَ آلَافٍ.
وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ سَمِعْت نَافِعًا يَقُولُ: لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مُنْذُ قَطُّ إذَا الْتَقَى الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ فَقَتَلَ مُسْلِمٌ مُشْرِكًا فَلَهُ سَلَبُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَعْمَعَةِ الْقِتَالِ فَإِنَّهُ لَا يُدْرَى أَحَدٌ قَتَلَ أَحَدًا - فَهَذَا يُخْبِرُ عَمَّا سَلَفَ.
فَصَحَّ أَنَّهُ فِعْلُ أَبِي بَكْرٍ وَمَنْ بَعْدَهُ وَجَمِيعِ أُمَرَائِهِمْ.
وَهَذَا نَافِعٌ يُخْبِرُ: أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يَسْمَعُ ذَلِكَ وَهُوَ قَدْ أَدْرَكَ الصَّحَابَةَ، فَصَحَّ أَنَّهُ قَوْلُ جَمِيعِهِمْ بِالْمَدِينَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ بِعُمَرَ تَعَمُّدُ خِلَافِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَحَّ أَنَّهُ اسْتَطَابَ نَفْسَ الْبَرَاءِ.
وَهَذَا صَحِيحٌ حَسَنٌ لَا نُنْكِرُهُ - وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَجَمِيعِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، إلَّا أَنَّ الشَّافِعِيَّ، وَأَحْمَدَ قَالَا: إنْ قَتْلَهُ غَيْرَ مُمْتَنِعٍ فَلَا يَكُونُ لَهُ سَلَبُهُ - وَهَذَا خَطَأٌ لِحَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ الَّذِي ذَكَرنَا فَإِنَّهُ قَتَلَهُ غَيْرَ مُمْتَنِعٍ، وَفِي غَيْرِ قِتَالٍ، وَأَخَذَ سَلَبَهُ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
فَإِنْ قِيلَ: فَإِنْ أَخَذْتُمْ بِعُمُومِ حَدِيثِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي ذَلِكَ فَأَعْطُوا مَنْ قَتَلَ مُسْلِمًا بِحَقٍّ فِي قَوَدٍ، أَوْ رَجْمٍ، أَوْ مُحَارَبَةٍ، أَوْ بَغْيٍ، سَلَبَهُ. قُلْنَا: لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي الْقُرْآنِ مَالَ الْمُسْلِمِ لَفَعَلْنَا مَا