المحلي بالاثار (صفحة 2039)

الْقُرْآنِ جَهْرًا فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَإِخْبَارُهُ: أَنَّهُ لَا صَلَاةَ إلَّا بِهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ كَثِيرٌ، وَلَا حُجَّةَ إلَّا فِي كَلَامِ اللَّهِ - تَعَالَى -، أَوْ كَلَامِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَأَمَّا الْآيَةُ فَلَا مُتَعَلَّقَ لَهُمْ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا لَا نَصٌّ وَلَا دَلِيلٌ بِإِبَاحَةِ الْفِرَارِ عَنْ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ؛ وَإِنَّمَا فِيهَا: أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - عَلِمَ أَنَّ فِينَا ضَعْفًا، وَهَذَا حَقٌّ إنَّ فِينَا لَضَعْفًا وَلَا قَوِيَّ إلَّا وَفِيهِ ضَعْفٌ بِالْإِضَافَةِ إلَى مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ إلَّا اللَّهُ - تَعَالَى - وَحْدَهُ فَهُوَ الْقَوِيُّ الَّذِي لَا يَضْعُفُ وَلَا يُغْلَبُ.

وَفِيهَا: أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - خَفَّفَ عَنَّا فَلَهُ الْحَمْدُ وَمَا زَالَ رَبُّنَا - تَعَالَى - رَحِيمًا بِنَا يُخَفِّفُ عَنَّا فِي جَمِيعِ الْأَعْمَالِ الَّتِي أَلْزَمْنَا.

وَفِيهَا: أَنَّهُ إنْ كَانَ مِنَّا مِائَةٌ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ، وَإِنْ يَكُنْ مِنَّا أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ، وَهَذَا حَقٌّ، وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ الْمِائَةَ لَا تَغْلِبُ أَكْثَرَ مِنْ مِائَتَيْنِ وَلَا أَقَلَّ أَصْلًا؛ بَلْ قَدْ تَغْلِبُ ثَلَاثَمِائَةٍ، نَعَمْ وَأَلْفَيْنِ وَثَلَاثَ آلَافٍ وَلَا أَنَّ الْأَلْفَ لَا يَغْلِبُونَ إلَّا أَلْفَيْنِ فَقَطْ لَا أَكْثَرَ وَلَا أَقَلَّ، وَمَنْ ادَّعَى هَذَا فِي الْآيَةِ فَقَدْ أَبْطَلَ وَادَّعَى مَا لَيْسَ فِيهَا مِنْهُ أَثَرٌ، وَلَا إشَارَةٌ، وَلَا نَصٌّ، وَلَا دَلِيلٌ، بَلْ قَدْ قَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 249] ، فَظَهَرَ أَنَّ قَوْلَهُمْ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ أَصْلًا، وَنَسْأَلُهُمْ عَنْ فَارِسٍ بَطَلٍ شَاكِي السِّلَاحِ قَوِيٍّ لَقِيَ ثَلَاثَةً مِنْ شُيُوخِ الْيَهُودِ الْحَرْبِيِّينَ هَرْمَى مَرْضَى رِجَالَةً عُزَّلًا أَوْ عَلَى حَمِيرٍ، أَلَهُ أَنْ يَفِرَّ عَنْهُمْ؟ لَئِنْ قَالُوا: نَعَمْ - لَيَأْتُنَّ بِطَامَّةٍ يَأْبَاهَا اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَكُلُّ ذِي عَقْلٍ، وَإِنْ قَالُوا: لَا لَيَتْرُكُنَّ قَوْلَهُمْ.

وَكَذَلِكَ نَسْأَلُهُمْ عَنْ أَلْفِ فَارِسٍ، نُخْبَةٍ، أَبْطَالٍ، أَمْجَادٍ، مُسَلَّحِينَ، ذَوِي بَصَائِرَ، لَقَوْا ثَلَاثَةَ آلَافٍ، مِنْ مَحْشُودَةِ بَادِيَةِ النَّصَارَى، رِجَالَةً، مُسَخَّرِينَ أَلْهَمَ أَنْ يَفِرُّوا عَنْهُمْ؟ وَرُوِّينَا عَنْ وَكِيعٍ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ صُبَيْحٍ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: لَيْسَ الْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ مِنْ الْكَبَائِرِ، إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ يَوْمَ بَدْرٍ خَاصَّةً. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا تَخْصِيصٌ لِلْآيَةِ بِلَا دَلِيلٍ.

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبَزَّارِ نَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُثَنَّى، قَالَا جَمِيعًا: نَا يَحْيَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015