المحلي بالاثار (صفحة 2031)

ثُمَّ نُورِدُ الْآثَارَ الصَّحِيحَةَ وَالْبَرَاهِينَ الْوَاضِحَةَ فِي فَضْلِ مَكَّةَ عَلَى الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا، أَوَّلُ ذَلِكَ: حَبْسُ اللَّهِ - تَعَالَى - الْفِيلَ عَنْهَا وَإِهْلَاكُهُ جَيْشَ رَاكِبِهِ إذْ أَرَادَ غَزْوَ مَكَّةَ.

ثُمَّ «قَوْلُ رَسُولِ اللَّه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي غَزْوَةِ الْحُدَيْبِيَةِ إذْ بَرَكَتْ نَاقَتُهُ فَقَالَ النَّاسُ: خَلَأَتْ فَقَالَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: مَا خَلَأَتْ وَلَا هُوَ لَهَا بِخُلُقٍ وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ» ، وَقَالَ - تَعَالَى - {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97] ، وَقَالَ - تَعَالَى - {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ} [آل عمران: 96] ، وَقَالَ - تَعَالَى - {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] ، وَقَالَ - تَعَالَى - {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 33] ، وَقَالَ - تَعَالَى - {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: 125] ، ثُمَّ جَعَلَ اللَّهُ - تَعَالَى - فِيهَا تَمَامَ الصَّلَاةِ، وَالْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ، فَهِيَ الْقِبْلَةُ الَّتِي لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ إلَّا بِالْقَصْدِ نَحْوَهَا، وَإِلَيْهَا الْحَجُّ الْمُفْتَرَضُ، وَالْعُمْرَةُ الْمُفْتَرَضَةُ، وَإِنَّمَا فُرِضَتْ الْهِجْرَةُ إلَى الْمَدِينَةِ مَا لَمْ تُفْتَحْ مَكَّةُ فَلَمَّا فُتِحَتْ بَطَلَتْ الْهِجْرَةُ، فَهَذِهِ الْفَضِيلَةُ لِمَكَّةَ ثُمَّ لِلْمَدِينَةِ، وَأَمَرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ لَا يُسْفَكَ فِيهَا دَمٌ، وَأَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - حَرَّمَهَا يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ وَنَهَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ يَسْتَقْبِلَهَا أَحَدٌ أَوْ يَسْتَدْبِرَهَا بِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ.

رُوِّينَا مِنْ طَرِيق الْبُخَارِيِّ نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ نَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ نَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ هُوَ ابْنُ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ - هُوَ أَخُوهُ - قَالَ: سَمِعْت أَبِي - هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ - قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: أَلَا أَيُّ شَهْرٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمَ حُرْمَةً؟ قَالُوا: أَلَا شَهْرُنَا هَذَا. قَالَ: أَلَا أَيُّ بَلَدٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمَ حُرْمَةً؟ قَالُوا: أَلَا بَلَدُنَا هَذَا. قَالَ: أَلَا أَيُّ يَوْمٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمَ حُرْمَةً؟ قَالُوا: أَلَا يَوْمُنَا هَذَا. قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ، وَأَمْوَالَكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ، إلَّا بِحَقِّهَا كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا مِنْ شَهْرِكُمْ هَذَا أَلَا هَلْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015