المحلي بالاثار (صفحة 2029)

بِالْجُمْلَةِ، قَالَ فِيهِ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِثِقَةٍ وَهُوَ بِالْجُمْلَةِ مُتَّفَقٌ عَلَى اطِّرَاحِهِ - ثُمَّ هُوَ أَيْضًا عَنْ أُنَيْسِ بْنِ يَحْيَى مُرْسَلٌ وَلَا يُدْرَى مَنْ أُنَيْسُ بْنُ يَحْيَى وَالطَّرِيقُ الْأُخْرَى مِنْ رِوَايَةِ أَبِي خَالِدٍ وَهُوَ مَجْهُولٌ عَنْ يَحْيَى الْبَكَّاءِ وَهُوَ ضَعِيفٌ - ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَتْ فِيهِ حُجَّةٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يَكُونُ الْفَضْلُ لِقَبْرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَطْ، وَإِلَّا فَقَدْ دُفِنَ فِيهَا الْمُنَافِقُونَ، وَقَدْ دُفِنَ الْأَنْبِيَاءُ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - مِنْ إبْرَاهِيمَ، وَإِسْحَاقَ، وَيَعْقُوبَ، وَمُوسَى، وَهَارُونَ، وَسُلَيْمَانَ، وَدَاوُد - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ -، وَغَيْرِهِمْ بِالشَّامِ، وَلَا يَقُولُ مُسْلِمٌ: إنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ مَكَّةَ.

وَمِنْهَا «اُفْتُتِحَتْ الْمَدَائِنُ بِالسَّيْفِ وَفُتِحَتْ الْمَدِينَةُ بِالْقُرْآنِ» وَهَذَا أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ زُبَالَةَ الْمَذْكُورِ بِوَضْعِ الْحَدِيثِ، وَهَذَا مِنْ وَضْعِهِ بِلَا شَكٍّ؛ لِأَنَّهُ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَمِثْلُ هَذَا الشَّارِعِ الْعَجِيبِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْلُكَ إلَيْهِ إلَّا مِثْلُ هَذِهِ الْمَزْبَلَةِ، وَهَذَا إسْنَادٌ لَا يَنْفَرِدُ بِمِثْلِهِ إلَّا ابْنُ زُبَالَةَ دُونَ سَائِرِ مَنْ رَوَى عَنْ مَالِكٍ مِنْ الثِّقَاتِ - ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَتْ فِيهِ حُجَّةٌ فِي فَضْلِهَا عَلَى مَكَّةَ؛ لِأَنَّ الْبَحْرَيْنِ وَأَكْثَرَ مَدَائِنِ الْيَمَنِ كَصَنْعَاءَ وَالْجُنْدِ وَغَيْرِهَا لَمْ تُفْتَحْ بِسَيْفٍ إلَّا بِالْقُرْآنِ فَقَطْ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُوجِبٍ فَضْلَهَا عَلَى مَكَّةَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ.

وَمِنْهَا «مَا عَلَى الْأَرْضِ بُقْعَةٌ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَكُونَ قَبْرِي فِيهَا مِنْهَا» وَهَذَا مِنْ رِوَايَة الْكَذَّابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ زُبَالَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مُرْسَلٌ - ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَتْ فِيهِ حُجَّةٌ فِي فَضْلِهَا عَلَى مَكَّةَ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَرِهَ لِلْمُهَاجِرِينَ وَهُوَ سَيِّدُهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا إلَى مَكَّةَ لِيُحْشَرُوا غُرَبَاءَ مَطْرُودِينَ عَنْ وَطَنِهِمْ فِي اللَّهِ - تَعَالَى - حَتَّى إنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - رَثَا لِسَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ وَلَمْ يَجْعَلْ لِلْمُهَاجِرِينَ بَعْدَ تَمَامِ نُسُكِهِ أَنْ يَبْقَى بِمَكَّةَ إلَّا ثَلَاثَ لَيَالٍ فَقَطْ؛ فَإِذَا خَرَجَتْ مَكَّةَ بِهَذِهِ الْعِلَّةِ عَنْ أَنْ يُدْفَنَ فِيهَا النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَالْمَدِينَةُ أَفْضَلُ الْبِقَاعِ بَعْدَهَا بِلَا شَكٍّ.

رُوِّينَا مِنْ طَرِيق الْبَزَّارِ نَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ هَيَّاجٍ نَا الْفُضَيْلُ بْنُ دُكَيْنٍ أَبُو نُعَيْمٍ نَا مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَبِي مُوسَى قَالَ: «مَرِضَ سَعْدٌ بِمَكَّةَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَعُودُهُ فَقَالَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ تَكْرَهُ أَنْ يَمُوتَ الرَّجُلُ فِي الْأَرْضِ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا؟ قَالَ: بَلَى» وَذَكَرَ بَاقِيَ الْخَبَرِ، فَهَذَا نَصُّ مَا قُلْنَا - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

وَمِنْهَا: «اللَّهُمَّ إنَّكَ أَخْرَجْتَنِي مِنْ أَحَبِّ بِلَادِكَ إلَيَّ فَأَسْكِنِي أَحَبَّ الْبِلَادِ إلَيْكَ»

طور بواسطة نورين ميديا © 2015