فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ الْمَشْيُ إلَى حَيْثُ نَذَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلْيَرْكَبْ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ فَإِنْ رَكِبَ الطَّرِيقَ كُلَّهُ لِغَيْرِ مَشَقَّةٍ فِي طَرِيقٍ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ وَلَا يُعَوِّضُ مِنْهُ صِيَامًا وَلَا إطْعَامًا.
فَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا فَلْيَمْشِ مِنْ الْمِيقَاتِ حَتَّى يُتِمَّ حَجَّهُ.
وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَرْكَبَ فِي ذَلِكَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْكَبَ وَلَا بُدَّ لِقَوْلِ اللَّهِ - تَعَالَى -: {يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج: 27] فَالْمَشْيُ وَالرُّكُوبُ إلَى كُلِّ مَا ذَكَرْنَا طَاعَةٌ لِلَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -.
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ» .
وَقَالَ - تَعَالَى - {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [الإنسان: 7] وَقَالَ - تَعَالَى - {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] فَإِنَّمَا أَمَرَ - تَعَالَى - بِالْوَفَاءِ بِعُقُودِ الطَّاعَةِ لَا بِعُقُودِ الْمَعَاصِي.
وَقَالَ قَوْمٌ: لَا يَمْشِي إلَّا فِي حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّهُ إلْزَامُ مَا لَمْ يَنْذِرْهُ عَلَى نَفْسِهِ بِغَيْرِ قُرْآنٍ، وَلَا سُنَّةٍ. وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى الْمَسْجِدِ، أَوْ إلَى الْكَعْبَةِ، أَوْ إلَى الْحَرَمِ لَزِمَهُ، فَإِنْ نَذَرَ إلَى عَرَفَةَ، أَوْ إلَى مُزْدَلِفَةَ، أَوْ مِنًى، أَوْ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ - وَهَذَا تَقْسِيمٌ بِلَا بُرْهَانٍ.
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ نَا الْفَزَارِيّ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ أَخْبَرَنِي ثَابِتٌ هُوَ الْبُنَانِيُّ - عَنْ أَنَسٍ «عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: أَنَّهُ رَأَى شَيْخًا يُهَادِي بَيْنَ بَنِيهِ فَقَالَ: مَا بَالُ هَذَا؟ قَالُوا: نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ قَالَ: إنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ، وَأَمَرَهُ