وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَعَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، وَأَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، وَالنَّسَائِيُّ وَلَيْسَ هُوَ يَزِيدَ بْنَ إبْرَاهِيمَ الَّذِي يَرْوِي عَنْ قَتَادَةَ، ذَلِكَ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ.
فَبَيَّنَ فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ أَنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ قَطُّ صَحِيحًا فَإِنَّ فَرِيضَةَ الْحَجِّ لَازِمَةٌ لَهُ إذَا وَجَدَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - سَمِعَ قَوْلَ الْمَرْأَةِ عَنْ أَبِيهَا: «إنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ تَعَالَى أَدْرَكَتْهُ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الثَّبَاتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ» ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهَا، وَلَا عَلَى أَبِي رَزِينٍ مِثْلَ ذَلِكَ فِي أَبِيهِ؛ فَصَحَّ أَنَّ الْفَرْضَ بَاقٍ عَلَى هَذَيْنِ إذَا وَجَدَا مَنْ يَحُجُّ عَنْهُمَا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنَّمَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ زَادٌ وَرَاحِلَةٌ - وَهَذَا خَطَأٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي حَدِيثِ أَبِي رَزِينٍ: أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ رَاحِلَةٌ، وَلَا فِي حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ أَيْضًا؛ فَهَذِهِ زِيَادَةٌ فَاسِدَةٌ.
فَإِنْ قِيلَ: إنَّمَا جَاءَتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي شَيْخٍ كَبِيرٍ، وَعَجُوزٍ كَبِيرَةٍ، فَمِنْ أَيْنَ تَعَدَّيْتُمْ مَا فِيهَا إلَى كُلِّ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ الْحَرَكَةَ بِزَمَانَةٍ، أَوْ مَرَضٍ وَلَمْ يَكُنْ شَيْخًا كَبِيرًا؟ قُلْنَا: لَيْسَ كُلُّ شَيْخٍ كَبِيرٍ تَكُونُ هَذِهِ صِفَتَهُ وَإِنَّمَا يَكُونُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ مَنْ غَلَبَهُ الضَّعْفُ، فَإِنَّمَا أَمَرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِذَلِكَ فِيمَنْ لَا يَسْتَطِيعُ ثَبَاتًا عَلَى الدَّابَّةِ وَلَيْسَ لِلشَّيْخِ هُنَالِكَ مَعْنًى أَصْلًا.
وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلشَّيْخِ حَدٌّ مَحْدُودٌ إذَا بَلَغَهُ الْمَرْءُ سُمِّيَ: شَيْخًا، وَلَمْ يُسَمَّ: شَيْخًا، حَتَّى يَبْلُغَهُ؛ وَدِينُ اللَّهِ تَعَالَى لَا يُتَسَامَحُ فِيهِ وَلَا يُؤْخَذُ بِالظُّنُونِ الْكَاذِبَةِ الْمُفْتَرَاةِ الْمَشْرُوعِ بِهَا مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَوْ كَانَ لِلشَّيْخِ فِي ذَلِكَ حُكْمٌ لَبَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدَّهُ الَّذِي بِهِ يَنْتَقِلُ حُكْمُهُ إلَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ كَمَا أَثْبَتَ ذَلِكَ فِيمَنْ لَا يَسْتَطِيعُ الثَّبَاتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، وَلَا الْمَشْيَ إلَى الْحَجِّ؛ فَصَحَّ أَنَّهُ لَيْسَ لِلشَّيْخِ فِي ذَلِكَ حُكْمٌ أَصْلًا، وَإِنَّمَا الْحُكْمُ لِلْعَجْزِ عَنْ الرُّكُوبِ وَالْمَشْيِ فَقَطْ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ - فَكَانَ هَذَا اسْتِطَاعَةً لِلسَّبِيلِ مُضَافَةً إلَى الْقُوَّةِ بِالْجِسْمِ وَبِالْمَالِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَتَعَلَّلَ قَوْمٌ فِي هَذِهِ الْآثَارِ بِخَبَرٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ