المحلي بالاثار (صفحة 1726)

النَّزَّالِ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " مَنْ مَلَكَ ثَلَاثَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ وَحَرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُ الْإِمَاءِ ".

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ، فِي الْحَجِّ: سَبِيلُهُ مَنْ وَجَدَ لَهُ سِعَةً، وَلَمْ يُحَلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ - وَهَذَا هُوَ قَوْلُنَا.

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِي عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: 97] قَالَ: عَلَى قَدْرِ الْقُوَّةِ - وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ عَطَاءٍ.

قَالَ عَلِيٌّ: أَمَّا احْتِجَاجُهُمْ بِأَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ لَوْ كَانَتْ عَلَى الْعُمُومِ لَمَا كَانَ لِذِكْرِهَا مَعْنًى فَكَلَامٌ فَاسِدٌ، وَاعْتِرَاضٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَإِخْرَاجٌ لِلْقُرْآنِ عَنْ ظَاهِرِهِ بِلَا بُرْهَانٍ.

ثُمَّ لَوْ صَحَّ هَذَا لَكَانَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْجَبَ الْحَجَّ عَلَى مَنْ لَا يَسْتَطِيعُهُ بِجِسْمِهِ، وَلَا بِمَالِهِ - إذَا وَجَدَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ - كَمَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى؛ فَكَانَ ذَلِكَ دَاخِلًا فِي الِاسْتِطَاعَةِ بِبَيَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّ الرِّحْلَةَ مِنْ شِقِّ الْأَنْفُسِ وَالْحَرَجِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى لَا يُكَلِّفُ ذَلِكَ عِبَادَهُ، فَصَحِيحٌ وَلَمْ نَقُلْ نَحْنُ: إنَّ مَنْ كَانَتْ الرِّحْلَةُ تَشُقُّ عَلَيْهِ - وَعَلَيْهِ فِيهَا حَرَجٌ - أَنَّ الْحَجَّ يَلْزَمُهُ: بَلْ الْحَجُّ عَمَّنْ هَذِهِ صِفَتُهُ سَاقِطٌ كَمَا قَالُوا؛ وَإِنَّمَا قُلْنَا: إنَّ مَنْ يَسْهُلُ عَلَيْهِ الْمَشْيُ وَهُوَ لَوْ كَانَتْ لَهُ فِي دُنْيَاهُ حَاجَةٌ لَاسْتَسْهَلَ الْمَشْيَ إلَيْهَا - فَالْحَجُّ يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَطِيعٌ؟ وَأَمَّا الْأَخْبَارُ الَّتِي ذَكَرُوا -: فَإِنَّ فِي أَحَدِهَا -: إبْرَاهِيمَ بْنَ يَزِيدَ وَهُوَ سَاقِطٌ مُطْرَحٌ؛ وَفِي الثَّانِي: الْحَارِثُ الْأَعْوَرُ وَهُوَ مَذْكُورٌ بِالْكَذِبِ، وَحَدِيثُ الْحَسَنِ مُرْسَلٌ وَلَا حُجَّةَ فِي مُرْسَلٍ وَالْعَجَبُ مِنْ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ فَإِنَّ الْمَالِكِيِّينَ يَقُولُونَ: الْمُرْسَلُ، وَالْمُسْنَدُ سَوَاءٌ لَا سِيَّمَا مُرْسَلُ الْحَسَنِ فَإِنَّهُمْ ادَّعَوْا أَنَّهُ كَانَ لَا يُرْسِلُ الْحَدِيثَ إلَّا إذَا حَدَّثَهُ بِهِ أَرْبَعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ فَصَاعِدًا؛ ثُمَّ خَالَفُوا هَاهُنَا أَحْسَنَ مَرَاسِيلِ الْحَسَنِ؛ وَالشَّافِعِيُّونَ لَا يَقُولُونَ: إلَّا بِالْمُسْنَدِ الصَّحِيحِ وَأَخَذُوا هَاهُنَا بِالسَّاقِطِ، وَالْمُرْسَلِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015