فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ إلَّا مِنْ كَلَامِ هِشَامٍ، وَلَيْسَ مِنْ الْحَدِيثِ، فَلَا حُجَّةَ فِيهِ.
وَقَدْ قَالَ مَعْمَرٌ: سَمِعْت هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ فِي هَذَا الْخَبَرِ نَفْسِهِ يَقُولُ: لَا أَدْرِي أَقَضَوْا أَمْ لَا؟ فَصَحَّ مَا قُلْنَا.
وَأَمَّا مَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْفِطْرِ، أَوْ وُطِئَتْ امْرَأَةٌ نَائِمَةً، أَوْ مُكْرَهَةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ مُغْمًى عَلَيْهَا، أَوْ صُبَّ فِي حَلْقِهِ مَاءٌ وَهُوَ نَائِمٌ -: فَصَوْمُ النَّائِمِ، وَالنَّائِمَةِ، وَالْمُكْرَهِ، وَالْمُكْرَهَةِ: تَامٌّ صَحِيحٌ لَا دَاخِلَةَ فِيهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَجْنُونَةِ.
وَالْمُغْمَى عَلَيْهَا، وَلَا عَلَى الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِهِ عَنْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» . وَالنَّائِمُ وَالنَّائِمَةُ مُكْرَهَانِ بِلَا شَكٍّ غَيْرُ مُخْتَارَيْنِ لِمَا فُعِلَ بِهِمَا؟ وَقَالَ زُفَرُ: لَا شَيْءَ عَلَى النَّائِمِ، وَالنَّائِمَةِ وَلَا قَضَاءَ كَمَا قُلْنَا، سَوَاءٌ سَوَاءٌ، وَصَوْمُهُمَا تَامٌّ - وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ.
وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي النَّائِمِ مِثْلُ قَوْلِ زُفَرَ.
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيِّ: إذَا جُومِعَتْ الْمَرْأَةُ مُكْرَهَةً فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَصَوْمُهَا تَامٌّ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهَا وَهُوَ قَوْلُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ.
وَبِهِ يَقُولُ أَبُو سُلَيْمَانَ، وَجَمِيعُ أَصْحَابِنَا. وَالْمَجْنُونُ، وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ غَيْرُ مُخَاطَبَيْنِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ، وَالنَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَالصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ» .
وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى النَّائِمِ وَالنَّائِمَةِ، وَالْمُكْرَهِ وَالْمُكْرَهَةِ، وَالْمَجْنُونِ وَالْمَجْنُونَةِ، وَالْمُغْمَى عَلَيْهِمَا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهُوَ قَوْلٌ ظَاهِرُ الْفَسَادِ، وَمَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً مِنْ قُرْآنٍ، وَلَا سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ وَلَا رِوَايَةٍ فَاسِدَةٍ وَلَا قَوْلِ صَاحِبٍ، وَلَا قِيَاسٍ، إلَّا أَنَّ بَعْضَهُمْ قَاسَ ذَلِكَ عَلَى الْمُكْرَهِ عَلَى الْحَدَثِ أَنَّهُ تُنْتَقَضُ طَهَارَتُهُ.
قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا قِيَاسٌ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ - لَوْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا - فَكَيْفَ وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ؟ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ تُنْتَقَضُ مِنْ الْأَحْدَاثِ بِقِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا بِنَقْضِهَا كَيْفَ مَا كَانَ، بِنِسْيَانٍ أَوْ عَمْدٍ أَوْ إكْرَاهٍ: وَالْآخَرُ لَا يَنْقُضُهَا إلَّا بِالْعَمْدِ عَلَى حَسَبِ النُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِي