المحلي بالاثار (صفحة 1562)

وَهَذَا تَنَاقُضٌ لَا وَجْهَ لَهُ أَصْلًا، لَا مِنْ قُرْآنٍ، وَلَا مِنْ سُنَّةٍ.

وَلَا مِنْ رِوَايَةٍ فَاسِدَةٍ، وَلَا مِنْ إجْمَاعٍ، وَلَا مِنْ قَوْلِ صَاحِبٍ، أَوْ تَابِعٍ، وَلَا مِنْ قِيَاسٍ، وَلَا مِنْ رَأْيٍ لَهُ وَجْهٌ؛ وَلَا يُعْرَفُ هَذَا التَّقْسِيمُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ؟ وَقَدْ رَأَيْنَا بَعْضَ مُقَلِّدِيهِ يُوجِبُونَ عَلَى طَحَّانِي الدَّقِيقِ، وَالْحِنَّاءِ وَمُغَرْبِلِي الْكَتَّانِ وَالْحُبُوبِ -: الْقَضَاءَ، وَيُبْطِلُونَ صَوْمَهُمْ، وَلَا يُوجِبُونَ عَلَيْهِمْ فِي تَعَمُّدِ ذَلِكَ كَفَّارَةً وَيَدَّعُونَ أَنَّ هَذَا قِيَاسُ قَوْلِ مَالِكٍ وَهَذَا تَخْلِيطٌ لَا نَظِيرَ لَهُ وَيَلْزَمُهُمْ إبْطَالُ صَوْمِ كُلِّ مَنْ سَافَرَ فَمَشَى فِي غَبَرَةٍ عَلَى هَذَا؟ وَلَمْ يُبْطِلْ صَوْمَ مَنْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ فَلَمْ يُنْعِظْ وَلَا أَمْذَى وَلَا أَمْنَى، وَلَا صَوْمَ مَنْ أَمْنَى مِنْ نَظَرٍ وَلَا لَمَسَ، وَلَا صَوْمَ تَطَوُّعٍ بِدُخُولِ الْمَاءِ فِي حَلْقِ فَاعِلِهِ مِنْ الْمَضْمَضَةِ، وَلَا صَوْمَ مُتَطَوِّعٍ صُبَّ الْمَاءُ فِي حَلْقِهِ وَهُوَ نَائِمٌ وَهَذَا عَجَبٌ جِدًّا أَنْ يَكُونَ أَمْرٌ وَاحِدٌ يُبْطِلُ صَوْمَ الْفَرْضِ وَلَا يُبْطِلُ صَوْمَ التَّطَوُّعِ؟ وَلَمْ يُبْطِلْ صَوْمَ مَنْ جُنَّ، أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَقَلَّ النَّهَارِ، وَهَذَا عَجَبٌ آخَرُ؟ وَلَمْ يُبْطِلْ صَوْمَ مَنْ نَامَ النَّهَارَ كُلَّهُ، وَهَذَا عَجَبٌ زَائِدٌ؟ وَلَا نَدْرِي قَوْلَهُ فِيمَنْ نَوَى الْفِطْرَ أَقَلَّ النَّهَارِ: أَيَرَى عَلَيْهِ الْقَضَاءَ وَيَبْطُلُ صَوْمُهُ بِذَلِكَ؟ أَمْ يَرَى صَوْمَهُ تَامًّا؟ إلَّا أَنَّهُ لَا يَرَى فِيهِ كَفَّارَةً بِلَا شَكٍّ؟ وَلَمْ يُبْطِلْ الصَّوْمَ بِالْفَتَائِلِ تَتَدَخَّلُ لِدَوَاءٍ، وَلَا نَقِفُ الْآنَ عَلَى قَوْلِهِ فِي السَّعُوطِ وَالتَّقْطِيرِ فِي الْأُذُنِ؟ وَلَمْ يُبْطِلْ الصَّوْمَ بِكُحْلٍ فِي الْعَيْنِ لَا عَقَاقِيرَ فِيهِ، وَلَا بِمَنْ تَعَمَّدَ بَلْعَ مَا يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْنِ أَضْرَاسِهِ مِنْ الْجَذِيذَةِ وَنَحْوِهَا، وَلَا بِمَضْغِ الْعِلْكِ، وَإِنْ اسْتَدْعَى الرِّيقَ، وَكَرِهَهُ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إنْ كَانَ لَا يُبْطِلُ الصَّوْمَ فَلِمَ كَرِهَهُ؟ وَهَذِهِ أَقْوَالٌ لَا نَحْتَاجُ مِنْ إبْطَالِهَا إلَى أَكْثَرَ مِنْ إيرَادِهَا؟ وَأَمَّا الْحَنَفِيُّونَ فَأَفْسَدُ الطِّبَاقِ أَقْوَالًا، وَأَسْمَجُهَا تَنَاقُضًا وَأَبْعَدُهَا عَنْ الْمَعْقُولِ؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015