أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ فَعَلَيْهِ صَوْمُ شَهْرٍ» .
قَالَ عَلِيٌّ: مِنْدَلٌ ضَعِيفٌ، وَعَبْدُ الْوَارِثِ مَجْهُولٌ. وَلَوْ صَحَّ لَقُلْنَا بِهِ، وَيَلْزَمُ الْقَوْلُ بِهِ مَنْ لَمْ يُبَالِ بِالضُّعَفَاءِ؛ لِأَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى سَائِرِ الْأَخْبَارِ، وَيَلْزَمُ أَيْضًا الْمَالِكِيِّينَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ نِيَّةً وَاحِدَةً فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ تُجْزِئُ لِجَمِيعِهِ؛ لِأَنَّهُ كُلُّهُ كَصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، وَكَيَوْمٍ وَاحِدٍ؟
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ: أَنَّ رَبِيعَةَ قَالَ: مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ عَامِدًا فَعَلَيْهِ صِيَامُ اثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ تَخَيَّرَهُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا قَالَ الشَّافِعِيُّ: يَجِبُ عَلَى هَذَا أَنَّ مَنْ تَرَكَ صَلَاةً مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ أَنْ يَقْضِيَ ثَلَاثِينَ أَلْفَ صَلَاةٍ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3] .
وَقَالَ الْحَنَفِيُّونَ، وَالْمَالِكِيُّونَ مَا نَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ أَقْوَالٌ لَا تُؤَثِّرُ كَمَا هِيَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ -: فَأَمَّا الشَّافِعِيُّونَ: فَهُمْ أَقَلُّ الثَّلَاثِ الطِّبَاقِ تَنَاقُضًا؛ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا: لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَى مُفْطِرٍ عَمْدًا فِي رَمَضَانَ إلَّا عَلَى مَنْ جَامَعَ إنْسَانًا، أَوْ بَهِيمَةً فِي فَرْجٍ أَوْ دُبُرٍ، فَإِنَّ مَنْ فَعَلَ هَذَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ بِالْإِيلَاجِ، أَمْنَى أَمْ لَمْ يُمْنِ؛ وَالْكَفَّارَةُ عِنْدَهُ كَمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ مِنْ رِوَايَةِ الْجُمْهُورِ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَرَ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمَوْطُوءَةِ كَفَّارَةً فِي أَشْهَرِ الْأَقْوَالِ عَنْهُ، وَلَا عَلَى مَنْ تَعَمَّدَ الْأَكْلَ، وَالشُّرْبَ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَجْعَلْ فِي كُلِّ ذَلِكَ إلَّا الْقَضَاءَ فَقَطْ فَقَاسَ الْوَاطِئَ لِامْرَأَةٍ مُحَرَّمَةٍ عَلَيْهِ عَلَى وَاطِئِ امْرَأَتِهِ، وَقَاسَ مَنْ أَتَى ذَكَرًا عَلَى مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ، وَقَاسَ مَنْ أَتَى بَهِيمَةً عَلَى مَنْ أَتَى أَهْلَهُ، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي الْخَبَرِ.
وَلَمْ يَقِسْ الْآكِلَ، وَالشَّارِبَ، وَالْمُجَامِعَ دُونَ الْفَرْجِ فَيُمْنِي وَالْمَرْأَةَ الْمَوْطُوءَةَ -: عَلَى الْوَاطِئِ امْرَأَتَهُ، وَهَذَا تَنَاقُضٌ؟ فَإِنْ قَالَ أَصْحَابُهُ: قِسْنَا الْجِمَاعَ عَلَى الْجِمَاعِ، وَالْأَكْلَ وَالشُّرْبَ عَلَى الْمُتَعَمِّدِ لِلْقَيْءِ؟ قُلْنَا: فَهَلَّا قِسْتُمْ مُجَامِعَ الْبَهِيمَةِ عَلَى مُجَامِعِ الْمَرْأَةِ فِي إيجَابِ الْحَدِّ؟ كَمَا قِسْتُمُوهُ