بِمِثْلِهَا فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى؟ يَمْحُو مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ بِالْإِهْذَارِ وَيَخُصُّ مَا يَشَاءُ، وَيُبْطِلُ بِالتَّخَالِيطِ، أَوْ مِمَّنْ قَلَّدَ قَائِلَهَا، وَأَفْنَى عُمُرَهُ فِي دَرْسِهَا وَنَصْرِهَا مُتَدَيِّنًا بِهَا وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْخِذْلَانِ؛ وَنَسْأَلُهُ إدَامَةَ السَّلَامَةِ وَالْعِصْمَةِ، وَنَحْمَدُهُ عَلَى نِعَمِهِ بِذَلِكَ عَلَيْنَا كَثِيرًا.
وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ مُجَاهِدٍ: أَنَّهُ قَالَ فِيمَنْ جَعَلَ عَلَيْهِ صَوْمَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ: إنْ شَاءَ صَامَ شَعْبَانَ وَرَمَضَانَ، وَأَجْزَأَ عَنْهُ - يَعْنِي مَنْ فَرَضَهُ وَنَذَرَهُ؛ قَالَ مُجَاهِدٌ: وَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ فَصَامَ تَطَوُّعًا فَهُوَ قَضَاؤُهُ وَإِنْ لَمْ يُرِدْهُ.؟
732 - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ نَوَى وَهُوَ صَائِمٌ إبْطَالَ صَوْمِهِ بَطَلَ، إذَا تَعَمَّدَ ذَلِكَ ذَاكِرًا لِأَنَّهُ فِي صَوْمٍ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ وَلَا شَرِبَ وَلَا وَطِئَ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» فَصَحَّ يَقِينًا أَنَّ مَنْ نَوَى إبْطَالَ مَا هُوَ فِيهِ مِنْ الصَّوْمِ فَلَهُ مَا نَوَى بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الَّذِي لَا تَحِلُّ مُعَارَضَتُهُ، وَهُوَ قَدْ نَوَى بُطْلَانَ الصَّوْمِ، فَلَهُ بُطْلَانُهُ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا لِأَنَّهُ فِي صَوْمٍ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْئًا، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5] .
وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِيمَنْ نَوَى إبْطَالَ صَلَاةٍ هُوَ فِيهَا، أَوْ حَجٍّ هُوَ فِيهِ، وَسَائِرُ الْأَعْمَالِ كُلِّهَا كَذَلِكَ، فَلَوْ نَوَى ذَلِكَ بَعْدَ تَمَامِ صَوْمِهِ أَوْ أَعْمَالِهِ الْمَذْكُورَةِ كَانَ آثِمًا، وَلَمْ يُبْطِلْ بِذَلِكَ شَيْئًا مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا كُلَّهَا قَدْ صَحَّتْ وَتَمَّتْ كَمَا أُمِرَ، وَمَا صَحَّ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُبْطِلَ بِغَيْرِ نَصٍّ فِي بُطْلَانِهِ، وَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى لَمْ يُتِمَّ عَمَلَهُ فِيهَا كَمَا أُمِرَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
733 - مَسْأَلَةٌ:
وَيُبْطِلُ الصَّوْمَ: تَعَمُّدُ الْأَكْلِ، أَوْ تَعَمُّدُ الشُّرْبِ، أَوْ تَعَمُّدُ الْوَطْءِ فِي الْفَرْجِ؛ أَوْ تَعَمُّدُ الْقَيْءِ؛ وَهُوَ فِي كُلِّ ذَلِكَ ذَاكِرٌ لِصَوْمِهِ، وَسَوَاءٌ قَلَّ مَا أَكَلَ أَوْ كَثُرَ، أَخْرَجَهُ مِنْ بَيْنِ أَسْنَانِهِ أَوْ أَخَذَهُ مِنْ خَارِجِ فَمِهِ فَأَكَلَهُ.
وَهَذَا كُلُّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ إجْمَاعًا مُتَيَقَّنًا، إلَّا فِيمَا نَذْكُرُهُ، مَعَ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] .
وَمَا حَدَّثَنَاهُ حُمَامٌ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَاجِيَّ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ ثنا حَبِيبُ بْنُ خَلَفٍ الْبُخَارِيُّ ثنا أَبُو ثَوْرٍ إبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ ثنا مُعَلَّى ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ثنا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ ذَرَعَهُ