وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِقَوْلِ عَائِشَةَ: لَوْ أَدْرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا صَنَعَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسَاجِدَ.
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ بُطْلَانَ التَّعَلُّقِ بِهَذَا الْخَبَرِ، وَأُقَرِّبُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ تَرْكُ مَا لَمْ يَتْرُكْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا الْمَنْعُ مِمَّا لَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: لِظَنِّ أَنَّهُ لَوْ عَاشَ لَتَرَكَهُ وَمَنَعَ مِنْهُ، وَهَذَا إحْدَاثُ شَرِيعَةٍ فِي الدِّينِ، وَأُمُّ الْمُؤْمِنِينَ الْقَائِلَةُ هَذَا لَمْ تَرَ قَطُّ مَنْعَ النِّسَاءِ مِنْ الْمَسَاجِدِ فَظَهَرَ فَسَادُ قَوْلِهِمْ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
634 - مَسْأَلَةٌ وَإِذَا حَاضَتْ الْمُعْتَكِفَةُ أَقَامَتْ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا هِيَ تَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى، وَكَذَلِكَ إذَا وَلَدَتْ، فَإِنَّهَا إنْ اُضْطُرَّتْ إلَى الْخُرُوجِ خَرَجَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ إذَا قَدَرَتْ؟ لِمَا قَدْ بَيَّنَّا قَبْلُ مِنْ أَنَّ الْحَائِضَ تَدْخُلُ الْمَسْجِدَ، وَلَا يَجُوزُ مَنْعُهَا مِنْهُ إذْ لَمْ يَأْتِ بِالْمَنْعِ لَهَا مِنْهُ نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ؟
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ: نا قُتَيْبَةُ نا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: «اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ مُسْتَحَاضَةٌ، فَكَانَتْ تَرَى الْحُمْرَةَ وَالصُّفْرَةَ، فَرُبَّمَا وَضَعَتْ الطَّسْتَ تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي» .
635 - مَسْأَلَةٌ وَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ نَذْرُ اعْتِكَافٍ: قَضَاهُ عَنْهُ وَلِيُّهُ، أَوْ اُسْتُؤْجِرَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ مَنْ يَقْضِيهِ عَنْهُ، لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ؟ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11] .
وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ عَنْهَا؟ فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى» .