وَلَمْ يُرِدْ ذَلِكَ الْمَالِكِيُّونَ، وَهُمْ يَدَعُونَ فِي أَقَلِّ مِنْ هَذَا عَمَلَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقَدْ تَرَكُوا عَمَلَهُمْ هُنَا، وَفِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ فِي الْمَسْجِدِ، وَفِي حَدِيثِ صَخْرٍ: أَنَّهُ عَمَلُهُمْ وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
605 - مَسْأَلَةٌ وَحُكْمُ تَشْيِيعِ الْجِنَازَةِ أَنْ يَكُونَ الرُّكْبَانُ خَلْفَهَا، وَأَنْ يَكُونَ الْمَاشِي حَيْثُ شَاءَ، عَنْ يَمِينِهَا أَوْ شِمَالِهَا أَوْ أَمَامِهَا أَوْ خَلْفِهَا، وَأَحَبُّ ذَلِكَ إلَيْنَا خَلْفُهَا؟ بُرْهَانُ ذَلِكَ -: مَا رُوِّينَا آنِفًا فِي بَابِ الصَّلَاةِ عَلَى الطِّفْلِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الرَّاكِبُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ، وَالْمَاشِي حَيْثُ شَاءَ مِنْهَا» .
وَمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ: نا أَبُو الْوَلِيدِ هُوَ الطَّيَالِسِيُّ - نا شُعْبَةُ عَنْ الْأَشْعَثِ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ: سَمِعْت مُعَاوِيَةَ بْنَ سُوَيْد بْنِ مُقَرِّنٍ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَلَفْظُ الِاتِّبَاعِ لَا يَقَعُ إلَّا عَلَى التَّالِي، وَلَا يُسَمَّى الْمُتَقَدِّمُ تَابِعًا، بَلْ هُوَ مَتْبُوعٌ، فَلَوْلَا الْخَبَرُ الَّذِي ذَكَرْنَا آنِفًا، وَالْخَبَرُ الَّذِي رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِي نا أَبِي نا هَمَّامٌ هُوَ ابْنُ يَحْيَى - نا سُفْيَانُ وَمَنْصُورٌ وَزِيَادٌ كُلُّهُمْ ذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَ الزُّهْرِيَّ يُحَدِّثُ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ «أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ يَمْشُونَ بَيْنَ يَدَيْ الْجِنَازَةِ» : لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمَشْيُ خَلْفَهَا فَرْضًا لَا يُجْزِي غَيْرُهُ، لِلْأَمْرِ الْوَارِدِ بِاتِّبَاعِهَا، وَلَكِنْ هَذَانِ الْخَبَرَانِ بَيَّنَّا أَنَّ الْمَشْيَ خَلْفَهَا نَدْبٌ.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقْطَعَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا بِنَسْخٍ، لِأَنَّ اسْتِعْمَالَ كُلِّ ذَلِكَ مُمْكِنٌ.