فَهَذِهِ آثَارٌ مُتَوَاتِرَةٌ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ
وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، مِنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ؟ وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ سَالِمٍ الْبَرَّادِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَأَنْ أَطَأَ عَلَى رَضْفٍ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَطَأَ عَلَى قَبْرٍ
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: لَأَنْ أَطَأَ عَلَى جَمْرَةٍ حَتَّى تَبْرُدَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَعَمَّدَ وَطْءَ قَبْرٍ لِي عَنْهُ مَنْدُوحَةٌ.
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: لَأَنْ أَطَأَ عَلَى جَمْرَةٍ حَتَّى تَبْرُدَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَطَأَ عَلَى قَبْرٍ - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ.
فَقَالَ قَائِلُونَ بِإِبَاحَةِ ذَلِكَ، وَحَمَلُوا الْجُلُوسَ الْمُتَوَعَّدَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ لِلْغَائِطِ خَاصَّةً؟ وَهَذَا بَاطِلٌ بَحْتٌ لِوُجُوهٍ -: أَوَّلُهَا - أَنَّهُ دَعْوَى بِلَا بُرْهَانٍ، وَصَرْفٌ لِكَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ وَجْهِهِ، وَهَذَا عَظِيمٌ جِدًّا
وَثَانِيهَا - أَنَّ لَفْظَ الْخَبَرِ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ قَطْعًا، بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتَحْرِقَ ثِيَابَهُ فَتَخْلُصَ إلَى جِلْدِهِ: خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ» .
وَبِالضَّرُورَةِ يَدْرِي كُلُّ ذِي حِسٍّ سَلِيمٍ: أَنَّ الْقُعُودَ لِلْغَائِطِ لَا يَكُونُ هَكَذَا أَلْبَتَّةَ، وَمَا عَهِدْنَا قَطُّ أَحَدًا يَقْعُدُ عَلَى ثِيَابِهِ لِلْغَائِطِ إلَّا مَنْ لَا صِحَّةَ لِدِمَاغِهِ؟
وَثَالِثُهَا - أَنَّ الرُّوَاةَ لِهَذَا الْخَبَرِ لَمْ يَتَعَدَّوْا بِهِ وَجْهَهُ مِنْ الْجُلُوسِ الْمَعْهُودِ، وَمَا عَلِمْنَا قَطُّ فِي اللُّغَةِ - جَلَسَ فُلَانٌ - بِمَعْنَى تَغَوَّطَ، فَظَهَرَ فَسَادُ هَذَا الْقَوْلِ - وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ؟
وَقَدْ ذَكَرْنَا تَحْرِيمَ الصَّلَاةِ إلَى الْقَبْرِ وَعَلَيْهِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى مَحْمُودٌ؟
579 - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَمْشِيَ بَيْنَ الْقُبُورِ بِنَعْلَيْنِ سِبْتِيَّتَيْنِ وَهُمَا اللَّتَانِ لَا شَعْرَ فِيهِمَا، فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا شَعْرٌ: جَازَ ذَلِكَ؟ فَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا بِشَعْرٍ، وَالْأُخْرَى بِلَا شَعْرٍ: جَازَ الْمَشْيُ فِيهِمَا؟ -: