لِأَنَّهُ وَسَائِرَ الْمُسْلِمِينَ يَسْجُدُونَ فِي الْفُرْقَانِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا} [الفرقان: 60] وَهَذَا أَمْرٌ لَا خَبَرٌ؟ وَفِي قِرَاءَةِ الْكِسَائِيّ وَهِيَ إحْدَى الْقِرَاءَاتِ الثَّابِتَةِ: {أَلا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [النمل: 25] إلَى آخِرِ الْآيَةِ، بِتَخْفِيفِ " أَلَّا " بِمَعْنَى: أَلَا يَا قَوْمُ اُسْجُدُوا، وَهَذَا أَمْرٌ؟
وَفِي النَّحْلِ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى: {وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [النحل: 50] .
وَقَدْ وَجَدْنَا ذِكْرَ السُّجُودِ بِالْخَيْرِ لَا سُجُودَ فِيهِ عِنْدَ أَحَدٍ. وَهُوَ قَوْله تَعَالَى فِي آلِ عِمْرَانَ {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ} [آل عمران: 113] .
وَفِي قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} [الفرقان: 64]
فَصَحَّ أَنَّ الْقَوْمَ فِي تَخْلِيطٍ لَا يُحَصِّلُونَ مَا يَقُولُونَ -: وَرُوِّينَا عَنْ وَكِيعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ ابْنِ مَسْعُودٍ يَسْجُدُونَ بِالْأُولَى مِنْ الْآيَتَيْنِ.
وَكَذَلِكَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ.
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ؟ وَصَحَّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَلِيٍّ: أَنَّهُمَا كَانَا لَا يَرَيَانِ عَزَائِمَ السُّجُودِ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ إلَّا " الم " وَ " حم " وَكَانَا يَرَيَانِهِمَا أَوْكَدُ مِنْ سِوَاهُمَا؟ وَقَالَ مَالِكٌ: لَا سُجُودَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمُفَصَّلِ.
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ -: وَخَالَفَهُمَا آخَرُونَ مِنْ الصَّحَابَةِ، كَمَا نَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، بَعْدَ أَنْ نَقُولَ: صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السُّجُودُ فِيهَا، وَلَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَهُ وَلَا مَعَهُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ