وَلَا رَأْيٌ سَدِيدٌ؟ وَحَدُّ النَّهْرِ الْكَبِيرِ بِمَا يُمْكِنُ أَنْ تَجْرِيَ فِيهِ السُّفُنُ
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَيْتَ شِعْرِي أَيْ السُّفُنُ؟ وَفِي السُّفُنِ مَا يَحْمِلُ أَلْفَ وَسْقٍ، وَفِيهَا زُوَيْرِقٌ صَغِيرٌ يَحْمِلُ ثَلَاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً فَقَطْ.
وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ صَلَّى بِصَلَاةِ الْإِمَامِ وَبَيْنَهُمَا طَرِيقٌ أَوْ جُدُرٌ أَوْ نَهْرٌ فَلَا يَأْتَمُّ بِهِ - فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ نَهْرٍ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ: ثنا قَتَادَةُ قَالَ: قَالَ لِي زُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: لَا جُمُعَةَ لِمَنْ صَلَّى فِي الرَّحْبَةِ - وَبِهِ يَقُولُ زُرَارَةُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَوْ كَانَ تَقْلِيدًا لَكَانَ هَذَا - لِصِحَّةِ إسْنَادِهِ - أَوْلَى مِنْ تَقْلِيدِ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ صَهْبَانَ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ: أَنَّهُ رَأَى قَوْمًا يُصَلُّونَ فِي رَحْبَةِ الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: لَا جُمُعَةَ لَهُمْ، قُلْت: لِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُمْ يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يَدْخُلُوا فَلَا يَفْعَلُونَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا كَمَا قَالَ لِمَنْ قَدَرَ عَلَى أَنْ يَصِلَ الصَّفَّ فَلَمْ يَفْعَلْ
وَإِنَّ الْعَجَبَ كُلَّهُ مِمَّنْ يُجِيزُ الصَّلَاةَ حَيْثُ صَحَّ نَهْيُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الصَّلَاةِ فِيهِ كَالْمَقْبَرَةِ، وَمَعْطِنِ الْإِبِلِ، وَالْحَمَّامِ، ثُمَّ يَمْنَعُ مِنْهَا حَيْثُ لَا نَصَّ فِي الْمَنْعِ مِنْهَا، كَالْمَوْضِعِ الْمَحْجُورِ، أَوْ بَيْنَهَا نَهْرٌ كَبِيرٌ وَكُلُّ هَذَا كَمَا تَرَى وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ
538 - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ زُوحِمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى السُّجُودِ كَيْفَ أَمْكَنَهُ وَلَوْ إيمَاءً وَعَلَى الرُّكُوعِ كَذَلِكَ -: أَجْزَأَهُ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَصْلًا وَقَفَ كَمَا هُوَ، فَإِذَا خَفَّ الْأَمْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَأَجْزَأَهُ.
لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» .
وَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَجْزِ عَنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ بِمَرَضٍ أَوْ بِخَوْفٍ أَوْ بِمَنْعِ زِحَامٍ وَقَدْ صَلَّى السَّلَفُ الْجُمُعَةَ إيمَاءً فِي الْمَسْجِدِ، إذْ كَانَ بَنُو أُمَيَّةَ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ إلَى قُرْبِ غُرُوبِ الشَّمْسِ