وَالْوَجْه الثَّانِي أَن يعرى الْحَرْف الاول من الْحَرَكَة والسكون ويعرى الْحَرْف الَّذِي بعده من التَّشْدِيد فَيجْعَل عَلَيْهِ نقطة لَا غير فَيتَحَقَّق بذلك أَن الاول لم يخلص لَهُ السّكُون إِذْ قد أعري من علامته وَأَنه لم يدغم إدغاما تَاما إِذا قد أعري مَا بعده من التَّشْدِيد
وَغير جَائِز فِي هَذَا الضَّرْب أَن يَجْعَل على الاول عَلامَة السّكُون وعَلى الثَّانِي عَلامَة التَّشْدِيد كَمَا جَازَ ذَلِك فِي المدغم الَّذِي يبْقى مَعَه صَوته الْمركب فِيهِ من الغنة أَو الاطباق لَان الْحَرْف الاول هَا هُنَا متحرك فِي الْحَقِيقَة وَإِن لم يتم الصَّوْت وَلَا أشْبع اللَّفْظ بحركته لما ذَكرْنَاهُ من فَصله فِي ذَلِك الْحَال بَين المدغم والمدغم فِيهِ والحرف الاول هُنَاكَ سَاكن مَحْض فَجَاز جعل عَلامَة السّكُون فِيهِ كَذَلِك
فَأَما قَوْله فِي سُورَة يُوسُف {مَا لَك لَا تأمنا} فَإِنَّهُ جَاءَ مرسوما فِي جَمِيع الْمَصَاحِف بنُون وَاحِدَة على لفظ الادغام الصَّحِيح وَأجْمع ائمة الْقُرَّاء على الاشارة الى النُّون الاولى المدغمة فِي الثَّانِيَة وَاخْتلف اهل الاداء وعلماء الْعَرَبيَّة فِي كَيْفيَّة تِلْكَ الاشارة فَقَالَ بَعضهم هى الاشارة بالعضو وَهُوَ الشفتان الى ضمة النُّون الَّتِي كَانَت لَهَا فِي الاصل قبل الادغام وَقَالَ آخَرُونَ وَهُوَ الاكثر هِيَ الاشارة بالحركة الى النُّون لتأكيد دلَالَة ذَلِك على أصل الْكَلِمَة
فالاولون يجْعَلُونَ النُّون الاولى مدغمة فِي النُّون الثَّانِيَة إدغاما تَاما لَان الاشارة بالشفتين لَيست بِصَوْت خَارج الى اللَّفْظ وَإِنَّمَا هِيَ تهيئة الْعُضْو للدلالة على كَيْفيَّة الْحَرَكَة لَا غير والاخرون يجْعَلُونَ النُّون الاولى مخفاة غير مدغمة