و {حرث قوم ظلمُوا} و {قوما ضَالِّينَ} و {قوما فاسقين} و {جنَّات تجْرِي} و {شهَاب ثاقب} وظلمات بَعْضهَا وَمَا اشبهه ذَلِك حَيْثُ وَقع
وَالْعلَّة فِي تتَابع التَّنْوِين عِنْد جَمِيع مَا تقدم من الْحُرُوف أَنه لما كَانَ لَا يَخْلُو عِنْدهَا من أحد ثَلَاثَة أوجه إِمَّا أَن يدغم وَإِمَّا أَن يخفى وَإِمَّا ان يقلب وَهَذِه الاوجه الثَّلَاثَة تجب بِالْقربِ أَو بِمَعْنى يرجع اليه وَكَانَ الادغام بَابه أَن يدْخل الاول من المثلين والمتقاربين فِي الثَّانِي إدخالا شَدِيدا لَا فُرْجَة بَينهمَا وَلَا فصل لأجل الْقلب وَالتَّشْدِيد وَكَانَ الاخفاء قد شَارك الادغام من طَرِيق اشتقاق كلمة أدعمت واخفيت من حَيْثُ كَانَ معنى أدغمت الشَّيْء غيبته وأخفيته سترته فكلا الْكَلِمَتَيْنِ مَعْنَاهُمَا الستْرَة الَّتِي ضد الظُّهُور وَالْبَيَان فَلَمَّا كَانَ التَّنْوِين لَا يَخْلُو مِمَّا ذَكرْنَاهُ وَكَانَ معنى الادغام والاخفاء مَا بَيناهُ قربت النقطة الَّتِي هِيَ عَلامَة التَّنْوِين من الْحُرُوف الْمُتَقَدّمَة دلَالَة على اتِّصَاله بهَا ودخوله فِيهَا وإعلاما بالتقارب الْمُوجب للادغام والمحقق للاخفاء وَإِن تباينا فِي اللَّفْظ وتفاصلا فِي الْحَقِيقَة فقد اجْتمعَا فِي أَن عدل بِكُل وَاحِد مِنْهُمَا عَن الْبَيَان وَالْعرب قد تحكم للشَّيْء بِحكم الشَّيْء إِذا اجْتمعَا فِي بعض الْمعَانِي وَالْفرق عِنْد النَّحْوِيين بَينهمَا فِي اللَّفْظ أَن المدغم مشدد والمخفى مخفف