فِي النقط دلَالَة على صرف مَا ينْصَرف من الاسماء جعل نقطة على الْحَرْف المعوض مِنْهُ وَهُوَ الالف وعَلى الْحَرْف الَّذِي يَنْقَلِب الى لَفظهَا وَهُوَ الْيَاء وَضم اليها النقطة الاخرى الَّتِي هِيَ الْحَرَكَة فحصلتا مَعًا على الالف ففهم بذلك وَكيد حَالهمَا وَعرف بِهِ شدَّة ارتباطهما وَعلم انهما لَا يفترقان وَلَا ينفصلان وَلَا لفظا وَلَا نقطا باجتماعهما على حرف وَاحِد وملازمتهما مَكَانا وَاحِد

وَصَارَت الالف بذلك أولى من الْحَرْف المتحرك من قبل انهما لَو جعلتا عَلَيْهِ لبقيت الالف عَارِية من عَلامَة مَا هِيَ عوض مِنْهُ مَعَ الْحَاجة الى معرفَة ذَلِك فَتَصِير حِينَئِذٍ غير دَالَّة على معنى وَلَا مفيدة شَيْئا فَيبْطل مَا لأَجله رسمت وَله اختيرت من بَين سَائِر الْحُرُوف وَتَكون لَا معنى لَهَا فِي رسم وَلَا لفظ إِلَّا الزِّيَادَة لَا غير دون إِيثَار فَائِدَة وَلَا دلَالَة على معنى يحْتَاج ويضطر اليه فَلَمَّا كَانَت الالف بِخِلَاف ذَلِك وَكَانَ رسمها إِنَّمَا هُوَ للدلالة على الْوَقْف والاعلام بِأَنَّهَا مبدلة فِيهِ من التَّنْوِين وَجب ان تجْعَل النقطة الَّتِي هِيَ علامته عَلَيْهَا ضَرُورَة إِذْ هِيَ هُوَ وَإِذا وَجب ذَلِك لم يكن بُد من ضم النقطة الثَّانِيَة إِلَيْهَا فتحصلان مَعًا على الالف إِذْ لَا تفترقان وَلَا تنفصلان كَمَا بَيناهُ

وَهَذَا الْمَذْهَب فِي نقط ذَلِك أخْتَار وَبِه اقول وَعَلِيهِ الْجُمْهُور من النقاط

وَأما عِلّة من جعل النقطتين مَعًا الْحَرَكَة والتنوين على الْحَرْف المتحرك فَإِنَّهُ لما كَانَت إِحْدَاهمَا هِيَ الْحَرَكَة جعلهَا على الْحَرْف المتحرك دلَالَة على تحريكه بهَا ثمَّ ضم إِلَيْهَا الثَّانِيَة الَّتِي هِيَ التَّنْوِين لامتناعهما من الِانْفِصَال والافتراق

وَأما عِلّة من جعل إِحْدَى النقطتين على الْحَرْف المتحرك وَالثَّانيَِة على الالف فَإِنَّهُ لما كَانَت إِحْدَاهمَا هِيَ الْحَرَكَة جعلهَا على الْحَرْف المحرك بهَا وَلما كَانَت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015