فَإِن قَالَ فَمن أَيْن اصْطَلحُوا على جعل علامته عَلامَة الْحَرَكَة قيل من وَجْهَيْن أَحدهمَا أَنه لما كَانَ مَخْصُوصًا بمتابعة الحركات دون السواكن جعلُوا علامته فِي النقط علامتهن إشعارا بذلك التَّخْصِيص وإعلاما بِهِ وَالثَّانِي أَن الْحَرَكَة لما لَزِمت أَوَائِل الْكَلم وَلزِمَ التَّنْوِين أواخرهن واجتمعا مَعًا فِي الثَّبَات فِي الْوَصْل والحذف فِي الْوَقْف تَأَكد مَا بَين الْحَرَكَة والتنوين بذلك فَجعلت علامته علامتها دلَالَة على ذَلِك التَّأْكِيد وتنبيها على تناسب مَا بَينهمَا فِي أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا يثبت بثبات الآخر وَيسْقط بسقوطه
فَإِن قيل فَهَلا جعلُوا علامته السّكُون من حَيْثُ كَانَ سَاكِنا قيل لم يَفْعَلُوا ذَلِك لما عدمت صورته فِي الْخط لزيادته والسكون وَالْحَرَكَة لَا يجعلان إِلَّا فِي حرف ثَابت الْخط قَائِم الصُّورَة
فَإِن قيل فَلم لم يرسم نونا فِي الْخط على اللَّفْظ قيل لم يرسم نونا من حَيْثُ كَانَ زَائِدا فِي الِاسْم الَّذِي يلْحق آخِره فرقا بَين مَا ينْصَرف وَبَين مَا لَا ينْصَرف من الاسماء لِئَلَّا يشْتَبه الزَّائِد لِمَعْنى الَّذِي يلْحقهُ التَّغْيِير فِي بعض الاحوال بالأصلي اللَّازِم الَّذِي لَا يتَغَيَّر كَقَوْلِه {وَأحسن كَمَا أحسن الله إِلَيْك} و {لَا تمنن تستكثر} و {لَا تحزن عَلَيْهِم} وَشبه ذَلِك فَلَو رسم التَّنْوِين نونا وَهُوَ زَائِد يتَغَيَّر فِي حَال الْوَقْف لاشتبه بالنُّون الاصلية فِي هَذِه الْمَوَاضِع الَّتِي لَا يلْحقهَا تَغْيِير فِي وصل وَلَا وقف فَفرق بَينهمَا بالحذف وَالْإِثْبَات