أهل الْمَدِينَة مَا كَانَ من حرف مخفف فَعَلَيهِ دارة حمرَة وَإِن كَانَ حرفا مسكنا فَكَذَلِك أَيْضا قَالَ وَمَا كَانَ من الْحُرُوف الَّتِي بنقط الصُّفْرَة فمهموزة

قَالَ أَبُو عَمْرو وعَلى مَا اسْتَعْملهُ أهل الْمَدِينَة من هذَيْن اللونين فِي الْمَوَاضِع الَّتِي ذَكرنَاهَا عَامَّة نقاط أهل بلدنا قَدِيما وحديثا من زمَان الْغَاز بن قيس صَاحب نَافِع بن ابي نعيم رَحمَه الله إِلَى وقتنا هَذَا اقْتِدَاء بمذاهبهم واتباعا لسننهم

فَأَما نقاط أهل الْعرَاق فيستعملون للحركات وَغَيرهَا وللهمزات الْحمرَة وَحدهَا وَبِذَلِك تعرف مصاحفهم وتميز من غَيرهَا

وَطَوَائِف من أهل الْكُوفَة وَالْبَصْرَة قد يدْخلُونَ الْحُرُوف الشواذ فِي الْمَصَاحِف وينقطونها بالخضرة وَرُبمَا جعلُوا الخضرة للْقِرَاءَة الْمَشْهُورَة الصَّحِيحَة وَجعلُوا الْحمرَة للْقِرَاءَة الشاذة المتروكة وَذَلِكَ تَخْلِيط وتغيير وَقد كره ذَلِك جمَاعَة من الْعلمَاء

أَخْبرنِي الخاقاني أَن مُحَمَّد بن عبد الله الْأَصْبَهَانِيّ حَدثهمْ بِإِسْنَادِهِ عَن احْمَد بن جُبَير الانطاكي قَالَ إياك والخضرة الَّتِي تكون فِي الْمَصَاحِف فَإِنَّهُ يكون فِيهَا لحن وَخلاف للتأويل وحروف لم يقْرَأ بهَا أحد

قَالَ أَبُو عَمْرو وأكره من ذَلِك واقبح مِنْهُ مَا اسْتَعْملهُ نَاس من الْقُرَّاء وجهلة من النقاط من جمع قراءات شَتَّى وحروف مُخْتَلفَة فِي مصحف وَاحِد وجعلهم لكل قِرَاءَة وحرف لونا من الألوان الْمُخَالفَة للسواد كالحمرة والخضرة والصفرة واللازورد وتنبيههم على ذَلِك فِي أول الْمُصحف ودلالتهم عَلَيْهِ هُنَاكَ لكَي تعرف الْقرَاءَات وتميز الْحُرُوف إِذْ ذَلِك من اعظم التَّخْلِيط وَأَشد التَّغْيِير للمرسوم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015