هـ يقول معقبا على زيادة ناسخ: " ليس من هذا الكتاب نسخة صحيحة أصلا ".
وحين يكن التصحيف والتحريم، والزيادة، أو النقص من الامور البينة فإن الخطب يهون، ولكن حين يخفى الكثير منه على إمام كالقرافي: أحمد بن إدريس - رحمه الله - وهو الذي درس المحصول وشرحه بشر ضخم، واختصره وشرح المختصر أيضا، واطلع على نسخ بخط تلامذة الامام والتقى ببعضهم - فإننا نتبين - آنذاك - مدى حاجة هذا الكتاب إلى التحقيق.
ولعل من المفيد أن نذكر بعض الامثلة من هذه التحريفات التى خفيت على القرافي ونحوه - فمنها: أن الامام - رحمه الله - ذكر في المسألة " تكليف ما لا يطاق " قول المعترض - وهو: " إن العلم إما أن يكون سببا للوجوب أو لا يكون " - فأجاب بقوله: " نختار أنه ليس سببا للوجب، ولكن نقول: إنه يكشف عن الوجوب ".
وقصد الامام المصنف واضح بأنه في مقام الجواب عن الاعتراض، قال: نختار، أي: واحدا من هذين القسمين المتقابلين.
فوردت هذه الكلمة في بعض النسخ ومنها نسخ القرافي بلفظ " المختار " فظن القرافي أن اختيار الامام - في علم الله - أنه كاشف عن الوجوب، وليس سببا له، وهنا أورد ما شاء من المناقشات على محض وهم، نجم عن تصحيف ناسخ.
وفي موضع آخر وردت كلمة " المتنافين "، ويبدو أن بعض الناسخين استبدلها بكلمة " الضدين "، وبدلا من توجيه الاتهام إلى الناسخ بأنه سها أو بدل، أو حرف اتهم القرافي الامام المصنف بأنه أخطأ في إطلاق اسم الضدين على متنافيين.
ومن الطريف أن هذه الكلمة وردت في نسختا الست بلفظ " المتنافيين " لا بلفظ " الضدين ".