فان قلت لا نسلم أن المجتهد يطلب حكم الله تعالى بل إنما يطلب غلبة الظن ومثاله من كان على ساحل البحر فقيل له إن غلب على ظنك السلامة أبيح لك الركوب وإن غلب على ظنك العطب حرم عليك الركوب وقبل حصول الظن لا حكم لله تعالى عليك وإنما حكمه يترتب على ظنك بعد حصوله فهو يطلب الظن دون الإباحة والتحريم قلت المجتهد أما أن يطلب الظن كيف كان أو ظنا صادرا عن النظر في أمارة تقتضيه
الأول باطل بإجماع الأمة فثبت أنه يطلب ظنا صادرا عن النظر في الأمارة والنظر في الأمارة متوقف على وجود الأمارة ووجود الأمارة متوقف على وجود المطلوب فثبت أن طلب الظن متوقف على وجود المدلول بمراتب فلو كان وجود المدلول متوقفا على حصول الظن لزم الدور وهذا غير ما قررناه في الطريقة الثانية واحتج القائلون بأنه لا حكم لله تعالى في الواقعة بأمور أحدها لو كان في الواقعة لله حكم لكان إما أن يكون عليه دليل وأعني بالدليل القدر المشترك بين ما يفيد الظن وبين ما يفيد اليقين أو لا يكون