وثانيها
أن يقتضى العقل وجوب الفعل ثم ورد خبران في حظره وإباحته وثالثها أن يقتضى العقل إباحة الفعل ثم ورد خبران في وجوبه وحظره واعلم أن هذا لا يستقيم على مذهبنا في أن العقل لا يستقل في شئ من الأحكام بالقضاء والنفى بالإثبات بل ذلك لا يستفاد إلا من الشرع وحينئذ لا يكون لأحدهما مزية على الآخر وأما على مذهب المعتزلة فلا يتم ذلك لأنه لا بد في كل نفى وإثبات متواردين على حكم واحد أن يكون أحدهما عقليا بيانه أن الإباحة تشارك الوجوب في جواز الفعل وتخالفه في جواز الترك وتشارك الحظر في جواز الترك وتخالفه في جواز الفعل فهى تشارك كل واحد من الوجوب والحظر بما به تخالف الآخر إذا ثبت هذا فنقول إذا اقتضى العقل الحظر فقد اقتضى جواز الترك أيضا لأن ما صدق عليه أنه محظور فقد صدق عليه أنه يجوز تركه فإذا جاء خبر الإباحة والوجوب فالإباحة إنما تنافي الوجوب من حيث إن الإباحة تقتضى جواز الترك لا من حيث إنها تقتضى جواز الفعل لكن جواز الفعل هاهنا كما عرفت حكم عقلى فثبت أنه لا بد هاهنا في