أما عند الرجحان وذلك عند قيام الدلالة أو الأمارة الظاهرة فذلك غير ممتنع وذلك كاتفاق الجمع العظيم على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم واتفاق الشافعية والحنفية مع كثرتهما على قوليهما مع أن أكثر أقوالهما
صادر عن الأمارة ومن الناس من سلم إمكان هذا الاتفاق في نفسه لكنه قال لا طريق لنا إلى العلم بحصوله لأن العلم بالأشياء إما أن يكون وجدانيا أو لا يكون أما الوجداني فكما يجد كل واحد منا من نفسه من جوعه وعطشه ولذته وألمه إلى غير ذلك ولا شك أن العلم بحصول اتفاق أمه محمد صلى الله عليه وسلم ليس من هذا الباب وأما الذي لا يكون وجدانيا فقد اتفقوا على أن الطريق إلى معرفته إما الحس وإما الخبر وإما النظر العقلي أما النظر العقلي فلا مجال له في أن الشخص الفلاني قال بهذا القول أو لم يقل به بقي أن يكون الطريق إليه إما الحس وإما الخبر لكن من المعلوم أن الإحساس بكلام الغير أو الإخبار عن كلامه لا يمكن إلا بعد معرفته فإذن العلم باتفاق الأمة لا يحصل إلا بعد معرفة كل واحد من الأمة لكن ذلك متعذر قطعا فمن الذي يعرف جميع الناس الذين هم بالشرق والغرب وكيف الأمان من وجود إنسان في مطمورة لا خبر عندنا منه فإنا إذا أنصفنا علمنا أن الذين بالشرق لا خبر عندهم من أحد من علماء