= كتاب الْأَفْعَال =
أَفعَال الْأَنْبِيَاء صلوَات الله عَلَيْهِم كأقوالهم فِي أَنَّهَا حق لأَنهم لَا ينطقون عَن الْهوى كَذَلِك لَا يَفْعَلُونَ بِمُقْتَضى الْهوى وَلَكِن لَا بُد من مُقَدّمَة فِي ذكر أَحْوَالهم يَنْبَنِي عَلَيْهَا ذكر مَا يتَعَلَّق بِهِ أفعالهم
فَنَقُول اتّفقت الْأمة على عصمَة الْأَنْبِيَاء صلوَات الله عَلَيْهِم عَن الْكَبَائِر وَاخْتلفُوا فِي طَرِيق ذَلِك وَفِي وقته وَاخْتلفُوا فِي الصَّغَائِر فَمنهمْ من جوزها وَمِنْهُم من منعهَا وَكَانَ ظواهر الْكتاب الْآيَات تدل على اقترافهم لصغائر الحظيات وَقد بَينا وجوب عصمتهم على الْإِطْلَاق من كل معنى وَفِي كل شَيْء وَفِي كل حَال فِي مَوْضِعه وعَلى هَذَا الَّذِي اخترناه يَنْبَنِي القَوْل فِي مسَائِل الْأَحْكَام وَهِي خمس
لَا خلاف بَين الْأمة أَن أَفعَال رَسُول الله ملْجأ فِي الْمَسْأَلَة ومفزع فِي الشَّرِيعَة وَبَيَان للمشكلة فقد كَانَت الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم تبحث عَن أَفعاله كَمَا تبحث عَن أَقْوَاله وتستقريء جَمِيع حركاته وسكناته وَأكله وشربه وقيامه وجلوسه وَنَظره ولبسته ونومه ويقظته حَتَّى مَا كَانَ يشذ عَنْهُم شَيْء من سكونه وَلَا حركاته ول لم يكن ملاذا وَلَا وجد فِيهِ المستعيذ معَاذًا لما كَانَ لتتبعه معنى وَهَذَا فصل لَا يحْتَاج إِلَى الإطناب فِيهِ وَإِنَّمَا الَّذِي اخْتلفُوا فِيهِ كَونهَا مَحْمُولَة على الْوُجُوب أَو على النّدب وَهِي
اتّفق عُلَمَاؤُنَا رَحْمَة الله عَلَيْهِم على تصدير هَذِه الْمَسْأَلَة بقَوْلهمْ اخْتلف النَّاس فِي أَفعَال رَسُول الله فَمنهمْ من قَالَ إِنَّهَا مَحْمُولَة على