وَأما قَوْله إِن الْأَمر بالشَّيْء نهي عَن ضِدّه فَبَاطِل على مَا يَأْتِي بَيَانه فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَأما المسلك الثَّانِي فالتعلق بِهِ ضعف لِأَنَّهُ قِيَاس أَيْضا وَالْقِيَاس قدمنَا فرع لَا يثبت بِهِ اصل
وَذَلِكَ أَن اعْتِقَاد الْوُجُوب إِنَّمَا وَجب فِيهِ الدَّوَام لِأَنَّهُ مَبْنِيّ على صدق الرَّسُول الَّذِي يجب أَن نعتقد دَائِما
وَأما الْعَزْم على الِامْتِثَال فَلَا نسلم أَن التّكْرَار فِيهِ وَاجِب بِدَلِيل أَنه لَو ذهل لم يَأْثَم وَالْمُخْتَار أَن مُطلق الْأَمر يَقْتَضِي فعله يَقِينا فِي الْوُجُوب وَبهَا تَحْصِيل الِامْتِثَال وَسَائِر الْأَفْعَال مُحْتَمل شَأْنهَا مَوْقُوف على الدَّلِيل بَيَانهَا
مُطلق الْأَمر مَحْمُول على الْفَوْر عِنْد جمَاعَة من النَّاس
وَقَالَ آخَرُونَ إِن التَّرَاخِي فِيهَا جَائِز وَغلط آخَرُونَ فَقَالُوا إِنَّه يَقْتَضِي التَّرَاخِي
وَوجه الْكَلَام فِي هَذِه الْمَسْأَلَة أَنه من قَالَ يَقْتَضِي التَّرَاخِي فَوجه غلطه بَين لِأَن مَعْنَاهُ إِن من بَادر الِامْتِثَال لَا يُجزئهُ وَذَلِكَ محَال شرعا
وَإِمَّا من قَالَ إِنَّه مَحْمُول على التّكْرَار أبدا حَتَّى يثبت التَّعْيِين فَلَا يتَصَوَّر مَعَه الْمَسْأَلَة
وَأما من قَالَ يَقْتَضِي فعلة وَاحِدَة فها هُنَا يتَصَوَّر الْخلاف
فَقَالَت طَائِفَة إِن الْمُبَادرَة إِلَى الِامْتِثَال وَاجِب لوَجْهَيْنِ