الْفَرْض الأول أَن يطْلبهَا فِي كتاب الله عز وَجل وَقد عد الْعلمَاء آيَات كتاب الله الأحكامية فوجدوها خَمْسمِائَة آيَة وَقد يزِيد عَلَيْهَا بِحَسب تبحر النَّاظر وسعة علمه فَإِن لم يجدهَا فَعَلَيهِ أَن يطْلبهَا فِي سنة رَسُول الله وَهِي نَحْو ثَلَاث آلَاف سنة فَإِن لم يجدهَا فَعَلَيهِ أَن يطْلبهَا فِي مسَائِل الصَّحَابَة وقضايا التَّابِعين إِجْمَاعًا واختلافا فَفِي ذَلِك أُمُور هدى وَمَا ضل من اقتفى أثارهم واقتدى
فَإِن لم يجدهَا عِنْدهم مُتَّفقا عَلَيْهَا أَو لم يجدهَا أصلا فَعَلَيهِ فِيمَا اخْتلفُوا فِيهِ وَفِيمَا لم يسمعوه أَن يردوه إِلَى أصل من هَذِه الْأُصُول الثَّلَاثَة الْمُتَقَدّمَة إِمَّا بتعليل وَإِمَّا بشبه وَإِمَّا بِدَلِيل هَذَا إِن كَانَت من مسَائِل ذَلِك وَإِن كَانَ منشأ الِاخْتِلَاف فِيهَا أَو بَدْء إشكالها من مثار لفظ فَعَلَيهِ أَن يَطْلُبهُ فِي لُغَة الْعَرَب فَإِن وجده وَاضحا بنى عَلَيْهِ وَإِن وجده مُشكلا كشفه إِمَّا بِآيَة وَإِمَّا بِحَدِيث وَإِمَّا بتعليل يظْهر بِهِ كَون أحد الْوَجْهَيْنِ أقوى من الآخر وَإِمَّا بشبه يُقَوي أحد الِاحْتِمَالَيْنِ إِلَى وُجُوه آخر لَا تحصى فِي الْبَابَيْنِ سنشير إِلَى أُصُولهَا فِي كتاب التَّرْجِيح إِن شَاءَ الله تَعَالَى
مِثَال الأول رجل ابْتَاعَ أمة ثَيِّبًا ثمَّ اطلع على عيب فَاخْتلف الْعلمَاء فِيهِ على ثَلَاثَة أَقْوَال
فَمنهمْ من قَالَ يردهَا وَيرد مَعهَا الْمهْر وَهُوَ شُرَيْح القَاضِي
وَمِنْهُم من قَالَ لَا يردهَا بِحَال وَيَأْخُذ قيمَة الْعَيْب وَهُوَ أَبُو حنيفَة
وَمِنْهُم من قَالَ يردهَا وَلَا شَيْء عَلَيْهِ قَالَه مَالك وَالشَّافِعِيّ